للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٨) باب قبول توبة القاتل، وإن كثر قتله]

٤٦ - (٢٧٦٦) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفُظُ لابْنِ المُثَنَّى - قَالا: حَدَّثَنَا مُعَاذ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِى أبِى عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أبِى الصِّدِّيقِ، عَنْ أبِى سَعِيدٍ الخُدْرِىِّ؛ أنَّ نَبِىَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَألَ عَنْ أعْلَمِ أهلِ الأرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ. فَأتَاهُ فَقَالَ: إنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لا. فَقَتَلَهُ، فَكمَّلَ بِهِ مِائَةً. ثُمَّ سَألَ عَنْ أعْلَمَ أهْلِ الأرْضِ، فَدُلَّ

ــ

وقوله فى الذى قتل تسعة وتسعين، وسؤاله: هل له من توبة؟ وقول العالم له: نعم: هذا مذهب أهل السنة والجماعة؛ أنّ التوبة تكفّر القتل كسائر الذنوب، وهو قول كافة السلف. وما روى عن بعضهم من خلاف ذلك فشديد فى الزجر وتورية فى القول، لئلا يجترئ الناس على الدماء.

وقد اختلف فى تأويل قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} (١) معناه: قتله مستحلاً لأجل إيمانه، وقيل معناه: جزاؤه جهنم إن جازاه. فيكون الخلود طول الإقامة لا التأبىد، وقيل: الآية فى رجل بعينه قتل رجلاً له عليه دم بعد أخذه الدية، ثم ارتد (٢). وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} (٣) تفسير مجملها، والآية الثانية التى فى الفرقان بقوله: {إلاَّ مَن تَابَ} (٤).

وقول العالم له: " انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإنه فيها [أناس] (٥) يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك؛ فيه الحض على مفارقة الإنسان المواضع التى أصاب فيها الذنوب والأقران الذين ساعدوه عليها، ومعاداتهم لله تعالى، مبالغة فى التوبة وقطع علائقها، والاستبدال [بذلك] (٦) صحبة أهل الخير والصلاح ومن يقتدى به، ويتأكد بمشاهدته توبته.

وقوله: " حتى إذا نصف الطريق ": أى بلغ نصفه، يقال: نصف الماء وغيره الشجرة، أى بلغ نصفها. وقوله: " نأى بصدره ": أى نهض وتقدم ليقرب بذلك القدر من الأرض الصالحة. وأما قياسه إلى إحدى القريتين والحكم بذلك له بعد اختصام ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فيه فذلك - والله أعلم - علامة جعلها الله لهم عند اختلافهم مع


(١) النساء: ٩٢.
(٢) انظر: جامع البيان للطبرى ٤/ ٢١٧.
(٣) النساء: ٤٨.
(٤) الفرقان: ٧٠.
(٥) هكذا فى ز، وفى ح: قوماً.
(٦) فى هامش ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>