للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإفْكِ، وَلا أشْعُرُ بِشَىْء مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يُريبُنِى فِى وَجَعِى أنِّى لا أعْرِفُ منْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَلُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أرَى مِنْهُ حِينَ أشْتَكِى، إنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ: " كَيْفَ تِيكُمْ؟ " فَذَاكَ يُرِيبُنِى. وَلا أشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَمَا نَقَهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِى أَمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ - وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا - وَلا نَخْرُجُ إلا لَيْلاً إلى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأوَلِ فِى التَّنَزُّهِ، وَكُنَّا نَتَأذَّى بِالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا. فَانْطَلَقْتُ أنَا وَأُمُّ مسْطَحٍ - وَهِىَ بِنْتُ أبِى رُهْمِ بْن المُطَّلِب بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ ابْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ المُطَّلِبِ - فَأقْبَلْتُ أنَا وَبِنْتُ أبِى رهْمٍ قِبَلَ بَيْتِى حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأنِنا، فَعَثَرَتْ أمُّ مِسْطَحٍ فِى مِرْطِها. فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أتَسبَّينَ

ــ

وقولها: " يريبنى فى وجع (١) " أى أنكرنى مرضى، العرب تسمى كل مرض وجعاً، ومعنى " يريبنى ": يوهمنى ويشككنى حتى أنكر ذلك من اختلاف حاله، يقال: أرابنى (٢) الأمر يريبنى: إذا توهمته وشككت فيه، فإذا استيقنته قلت: رابنى منه كذا يريبنى، وقال الفراء وأبو زيد: هما بمعنى واحد فى الشك.

وقولها: " لا أعرف من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللطف " بفتح اللام والطاء، أى البر والتحفى. زاد بعضهم: إذ كان ذلك برفق، ويقال فيه اللطف بالضم وسكون الطاء أيضاً.

وقوله: " كيف تيكم؟ " هى إشارة تنبيه للمؤنث مثل " ذاكم " للمذكر.

وقولها: " بعدما نقهت " بفتح القاف، أى أفقت من المرض.

وقولها: " وخرجت قبل المناصع وهو متبرزنا ": قال الأزهرى: أراها مواضع خارج المدينة، وعليه يدل قوله فى الحديث نفسه فى غير كتاب مسلم، وهى صعيد أفيح خارج المدينة. وقال غيره: هى مواضع التخلى للحدث، وهو معنى قولها: " متبرزنا " والبراز، بالفتح الحدث، وأصله الفضاء من الأرض، وسمى الحدث به لقصدهم قضاه فيه، كما قالوا فيه: الغائط لذلك.

وقولها: " وأمرنا أمر العرب الأول فى التنزه " كذا لجمهور الرواة، أى فى البعد بذلك عن المنازل. وعند ابن ماهان: فى التبرز بمعناه، أى فى الخروج للبراز.

وقولها: " تعس مسطح " بكسر العين، معناه: هلك، وقيل: سقط، والتعس


(١) فى ح: وجعى.
(٢) فى ح: رابنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>