للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألْمَمتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرى اللهَ وَتُوبِى إلَيْهِ، فَإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ ". قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأبِى أجب عَنِّى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ. فَقَالَ: وَاللهِ، مَا أدْرِى مَا أقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَلْتُ لأمِى أَجِيبى عَنِّى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: والَلَّه ما أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ - وَأنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ - لا أقْرَأ كَثيرًا مِنَ القُرْآنِ: إنِّى وَاللهِ، لَقَدْ عَرَفْتُ أنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُم بِهَذا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِى نُفُوسِكمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَإنْ قُلْتُ لَكُمْ إنِّى بَريئَةٌ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَريئَةٌ لا تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اْعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأمْرٍ، وَاللهُ يَعْلَمُ أنِّى بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُونَنِى. وَإنِّى، وَاللهِ، مَا أجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إلا كَمَا قَاَلَ أَبُو يُوسُفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (١).

ــ

بعضهم الرواية الأولى، ومعناها: استخفته. قال فى الجمهرة: كل شىء استخففته فقد استجهلته، واستجهلت الريح الغصن: إذا حركته فاضطرب، وقيل: أغضبته. قال الهروى: من استجهل مؤمناً فعليه إثمه، أى من حمله على ما يغضبه، وهو من هذا، أى من [حملته] (٢) الحمية على الجهل والغضب، وهو معنى الرواية الأخرى. قيل: احتملته: أغضبته، أو احتمل، كما قال: " حتى هموا أن يقتتلوا ".

وقوله: " فتشهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين جلس ثم قال ": فيه الابتداء بذكر الله وحمده بالشهادتين فى الكلام فى الأمور المهمة.

وقوله: " ألممت بذنب ": أى أتيته [به] (٣) وليس لك بعادة، وهو أصل اللمم، وقد فسرناه قبل (٤). قال الداودى فى قوله هذا: لا دليل على الفرق بين أزواج النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهن؛ من وجوب اعتراضهن بما يكون منهن من ذلك [ولا يكتمه] (٥)؛ إذ لا يحل لنبى إمساك من يفعل ذلك، وأمر غيرهن بالستر. وليس كما قال، ولا فى الحديث أمرها بالاعتراف، إنما قال لها: " استغفرى الله وتوبى وهذا فيما بينها وبين الله وكذلك قوله: " فإن العبد إذا اعترف " ليس فيه تصريح بأمرها بالاعتراف له، وإنما هو بالاعتراف لله، كما قال.

وقوله: " فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب الله عليه ": قد مضى الكلام على التوبة، وقوله: " تاب الله عليه ": توبة الله على عباده: الرجوع بهم من المعصية


(١) يوسف: ١٨.
(٢) فى ح: " حمله ".
(٣) ساقطة من ح، والمثبت من ز.
(٤) انظر: ك القدر، ب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره، برقم (٢٠).
(٥) فى ح: ولا يكتمنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>