للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٠ - (...) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنِى أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو كُرَيْبٍ - وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى - قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَالَ: جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللهِ رَجُلٌ فَقَالَ: تَرَكْتُ فِى الْمَسْجِدِ رَجُلاً يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِرَأيِهِ. يُفَسِّرُ هَذِهِ الآيَةَ: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} (١) قَالَ: يَأتِى النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دُخَانٌ فَيَأخُذُ بِأنْفَاسِهِمْ حَتَّى يَأخُذَهُمْ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكُامِ. فَقَالَ عَبْدُ الله: مَنْ عَلِمَ عِلْمًا فَلْيَقُل بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: الله أَعْلَمُ. فَإِنَّ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لما لا عِلْمَ لَهُ بِهِ: الله أَعْلَمُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا؛ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَتَ عَلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَعَاَ عَلَيْهِمْ بِسِنينَ كَسِنِى يُوسُفَ، فَأَصَابُهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظَرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ، وَحَتَّى أَكَلوا الْعِظَامَ، فَأَتَى النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، اسْتَغْفِرِ الله لِمُضَرَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا. فَقَالَ: " لِمُضَرَ؟ إِنَّكَ لَجَرِىء " قَالَ: فَدَعَا الله لَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} (٢) قَالَ: فَمُطِرُوا. فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ، قَالَ: عَادُوا إِلَى مَا كَانوا عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ. {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (٣) قَالَ: يَعْنِى يَوْمَ بَدْرٍ.

ــ

وقوله: " فقال له رجل: يا رسول الله، استغفر لمضر ": كذا هنا دى جميع النسخ، ورواه البخارى (٤): " استسقى الله "، قيل: وهو الصواب والأليق بالحال.

وقول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " لمضر؟ إنك لجرىء " على طريق التقرير والتعريف له بكفرها، واستعظام ما سأله لهم من استغفار الله لهم أو استسقائه، وهو عدو الدين وأهله. وقد يصح على هذا عندى قول مسلم: " استغفر الله " وأن إنكاره إنما كان للاستغفار الذى سأله الكفار " بدليل أنه عدل عنه إلى الدعاء لهم بالسقيا، ولو كان استعظامه إنما هو لسؤاله السقيا لما استسقى لهم.


(١) الدخان: ١٠.
(٢) الدخان: ١٥.
(٣) الدخان: ١٦.
(٤) البخارى، ك التفسير، تفسير سورة الدخان، ب قوله تعالى: {يَغْشَى النَّاسَ} ٦/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>