للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٨ - (٢٩٣٢) حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَقَى ابْنُ عُمَرَ ابْنَ صَائِدٍ فِى بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ. فَقَالَ لَهُ قَوْلاً أَغْضَبَهُ، فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلأَ السِّكَّةَ. فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا. فَقَالَتْ لَهُ: رَحِمَكَ الله! مَا أَرَدْتَ مِنِ ابْنِ صَائِدٍ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا "؟

ــ

أى لصغره أو ذمته.

وقوله: " هو يختل " يعنى ابن صياد، أى يأخذه على غفلة. ويدل على صحة هذا التفسير قوله فى الحديث: " أن يسمع منه قبل أن يراه ".

قال الإمام: " يختله " أى يطلب [أن] (١) يأتيه من حيث لا يشعر، ومنه: ختلت الصيد.

قال القاضى: قيل: فيه حجة على جواز الاختيال على المستسرين بجحد الحقوق حتى يحقق فيهم ما جحدوه فيقضى عليهم به، وكذلك لمن أعلن الفسق وعزف به واستسر بمنكره أنه يكشف عنه، وليس من التجسس؛ لأن ابن صياد كان أمره عند الناس مشهوراً، وما يقوله بغير حضرة النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معلناً، فأراد النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحقيق ذلك [منه] (٢) سماعاً. وفيه كشف الإمام بنفسه الأمور المشكلة وخروجه فيها. وترجم البخارى (٣) عليه: ما يجوز من الاحتيال والحذر ممن يخشى معرته.

وقوله: " فثار ابن صياد ": أى هب من ضجعته ويقال لكل ما ظهر وفشى: ثار، ولكل ما هاج: ثار.

وقوله فى ذكر الدجال: " تعلموا أنه أعور، وأن الله ليس بأعوار "، قال القاضى: قاله - عليه السلام - تنبيهاً منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صفاته من النقص الدال على الحدوث المنزه عنه الخالق - جل اسمه.

وقوله: " تعلموا " كذا هو بفتح العين وتشديد اللام بمعنى: تحققوا، أو اعلموا، يقال: تعلم كذا مشددة بمعنى: اعلم.

وهذه الأحاديث التى أدخلها مسلم فى قصة الدجال حجة أهل الحق فى صحة وجوده، وأنه شخص معين، ابتلى الله عباده، وأقدره على أشياء من قدرته ليتميز الخبيث من


(١) ساقطة من ح.
(٢) فى هامش ح.
(٣) ك الجهاد ٤/ ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>