للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٩ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنّى، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ - يَعْنِى ابْنَ حَسَنِ بْنِ يَسَارٍ - حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ نَافِعٌ يَقُولُ: ابْنُ صَيَّادٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقِيتُهُ مَرَّتَيْنِ. قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: هَلْ تَحَدَّثُونَ أَنَّهُ هُوَ؟ قَالَ: لا، وَالله. قَالَ: قُلْتُ: كَذَبْتَنِى، وَالله، لَقَدْ أَخْبَرَنِى بَعْضُكُمْ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَكُمْ مَالاً وَوَلَدًا. فَكَذَلِكَ هُوَ زَعَمُوا الْيَوْمَ. قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا ثمَّ فَارَقْتُهُ. قَالَ: فَلَقِيتُهُ لَقْيَةً أُخْرَى وَقَدْ

ــ

الطيب؛ من إحياء الميت الذى يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب الذى معه، وجنته وناره، ونهريه، واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن تمطر، والأرض أن تنبت، فيكون ذلك كله بقدر الله ومشيئته، ثم يعجزه الله بعد ذلك كما قال: " ولن يسلط على غيره " فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ثانية، ولا على غيره، ويبطل أمره بعد، ويقتله عيسى - عليه السلام - ويثبت الله الذين آمنوا.

هذا مذهب أهل السنة وجماعة أهل الفقة والحديث ونظارهم (١). خلافاً لمن أنكر أمره وأبطله من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة. وخلافاً للجبائى من المعتزلة ومن وافقه على إثباته من الجهمية وغيرهم، ولكن زعموا [أن ما] (٢) عنده مخارق، وحيل، لا حقائق، ولدعواهم أن أمره لو كان صحيحاً كان قدحاً فى النبوة. وقد وهم جميعهم، فإنه لم يأت بدعوى النبوة فيكون ما جاء به كالتصديق له، ولأنه لو صح منه لم يفرق بين النبى والمتنبئ فيطعن [ذلك] (٣) على النبوة، هانما جاء بدعوى الإلهية، وهو (٤) فى نفس دعواه لها مكذب لدعواه بصورة حاله ونقص خلقه، وظهور سمات الحدث به وشهادة كذبه وكفره المكتتبة بين عينيه، وعجزه عن تحسين صورته، وإزالة العور والشين عن نفسه. فلم يَرْتَبْ مؤمن فى أمره.

وإنما اتبعه من اتبعه للضرورة والحاجة، وشدة الزمان عليه أو لكفره. قيل: كيهود أصبهان وغيرهم وكالترك الكفرة، أو تقية منه وخوفاً، أو لأن فتنة ما جاء به عظيمة تدهش العقول وتحير الألباب [لأول وهلة] (٥)، وأن أمره لا تطول مدته، وسرعة سيره فى الأرض، فإنما هو كما قال فى الحديث: " كالغيث استدبرته الريح " (٦) فيصدقه من يصدقه، وقد سُلبَ نظره، ودله عقله لفجاءة أمره؛ ولهذا حذرته الأنبياء قومها، وشجعتهم ببيان حاله ونقصه؛ ليتقدم لهم العلم بذلك فيثبتوا [ومن يثبت فيه] (٧) وأيده الله كذبه، ألا ترى قول


(١) فى خ: ونظائرهم.
(٢) فى ز: أن.
(٣) فى ح: بذلك.
(٤) فى ح: وهى.
(٥) فى هامش ح.
(٦) حديث رقم (١١٠) بالباب التالى.
(٧) من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>