للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِى عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نفْسِهِ، وَالله خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كأَنِّى أُشَبِّهُهُ بعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرأ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ. إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالاً. يَا عِبَادَ الله، فَاثْبُتُوا " قُلْنَا: يَارَسُولَ الله، وَمَا لَبْثُهُ فِى الأَرْضِ؟ قَالَ: " أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِى كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلاَةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: " لاَ، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِى الأَرْضِ؟ قَالَ: " كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ. فَيَأتِى عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ

ــ

وقوله: " ذكر الدجال فخفض فيه ورفع " يعنى - والله أعلم - صوته من كثرة ما تكلم فى أمره فخفض مرة لطول الكلام وراحة تعبه، ورفع مرة لتبليغ مَنْ يأبى عنه وإسماع من بعد. وقد يكون خفض فى (١) أمره وشأنه، وهو أنه على الله كما قال: " هو أهون على الله من ذلك " (٢) ليتبين حاله وعقبى دعواه وفضيحته، واضمحلال أمره [وما رفع] (٣) من فتنتة وعظيم المحنة به، والتخويف من أمره، كما قال: " ما من نبى إلا وقد أنذر قومه ".

وقوله: " غير الدجال أخوفنى عليكم ": كذا روايتنا فيه عن القاضى الشهير بنون آخره، وكذا هو فى كتاب القاضى التميمى والجيانى وغيره من شيوخنا، وسمعنا على أبى بحر: " أخوفى " بغير نون، وكذا فى غير مسلم، فقد رويناه: " أخوف لى " (٤) وقرأته على الحافظ أبى الحسين بن سراج بن عبد الملك فى كتاب قاسم بن ثابت فى حديث عبد الله بن حوالة: " أخوفنى " بالنون. قال ثابت: فيه لغه أخرى: " وأخوفى " بغير نون، ومعناهما: أخوف منى، لغة مسموعة فى ذلك، وأنشد ثابت عليها.

نحن بغرس الوادى أعلمنا ... منا بركض الجياد فى السلف

وأنشد فى اللغة الأخرى:

لنافعى أحوجى منكم لتعليمى


(١) فى ح: من.
(٢) حديث رقم (١١٤) من هذا الكتاب.
(٣) فى ح: وما وقع.
(٤) الترمذى، ك الفتن، ب ما جاء فى فتنة الدجال ٤/ ٢٤٢ (٢٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>