للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٦) باب التثبت فى الحديث، وحكم كتابة العلم]

٧١ - (٢٤٩٣) حدّثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَام، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ وَيَقُولُ: اسْمَعِىَ يَارَبَّةَ الحُجْرَةِ، اسْمَعِى يَارَبَّةَ الحُجْرَةِ، وَعَائِشَةُ تُصَلِّى. فَلَمَّا قَضَتْ صَلاَتَهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: أَلا تَسْمَعُ إِلَى هَذَا وَمَقَالَتِهِ آنِفًا؟ إِنَّمَا كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا، لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ.

٧٢ - (٣٠٠٤) حدّثنا هَدَابُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْدِىُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارِ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخُدْرِىِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لاَ تَكْتُبُوا عَنِّى، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّى غَيْرَ القُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ، وَحدِّثُوا عَنِّى وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ - قَالَ هَمَّام: أَحْسِبُهُ قَالَ - مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأُ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ".

ــ

وقوله - عليه السلام -: " لا تكتبوا عنى، ومن كتب عنى غير القرآن فليمحه "، قال الإمام: روى عن زيد بن ثابت أنه دخل على معاوية فسأله عن حديث، فأمر إنساناً فكتبه. فقال له زيد: إن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر ألا نكتب [شيئاً] (١) من حديثه فمحاه (٢).

وهذا النهى قال فيه بعض العلماء: إنما نهى أن يكتب الحديث مع القرآن فى صحيفة واحدة لئلا يختلط به، فيشتبه على القارئ. ويحتمل أن يكون النهى منسوخاً، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى خطبته: " اكتبوا لأبى شاه " (٣) لما استكتبه، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل شكا إليه سوء الحفظ: " استعن بيمينك " (٤)، وكتب - عليه السلام - كتاباً فى الصدقات والديات (٥)، أو كتب عنه فعمل به الأمة ولم ينكرها أحد، وقد أمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته بالتبليغ، فإذا لم يكتب ذهب العلم.

قال القاضى: بين السلف اختلاف كبير فى كتابة العلم من الصحابة والتابعين، فكرهه كثير منهم، وأجازه الأكثر. فمنعه لما جاء من النهى عنه، ومخافة الاتكال على الكتاب وترك الحفظ، ولئلا يكتب شئ مع القرآن. ومنهم من كان يكتب، فإذا حفظ محا. ثم


(١) فى هامش ح.
(٢) أبو داود، ك العلم، ب كتابة العلم، رقم (٣٦٤٧).
(٣) سبق فى ك الحج، ب تحريم مكة وصيدها، برقم (٤٤٧).
(٤) الترمذى، ك العلم، ب ما جاء فى الرخصة فى كتابة العلم (٢٦٦٧).
(٥) سبق فى ك الحج، ب فضل المدينة، برقم (٤٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>