للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال: صعد أمره، وقد تكون بمعنى موضع متوسط مما شاء الله من ملكوته، وقيل فى قوله تعالى: {مَكَانًا سُوًى} (١): أى متوسطاً، وقد يكون مستوى أى حيث يظهر عدل الله وحكمته لعباده هناك، ويقال للعدل: سواء - ممدود مفتوح - وسوِى - مكسورٌ مقصور - وقيل ذلك فى قوله تعالى: {كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم} (٢). وصريف الأقلام: تصْوِيتُها فيما يكتب بها، وكذلك صريف الفحل بأنيابه: صوت حكِّ بعضها بِبَعْض.

وفيه حجة لمذهب أهل السنة فى الإيمان بصحة كتابة الوحى والمقادير فى كتاب الله من اللوح المحفوظ وما شاء بالأقلام، التى هو تعالى يعلم كيفيتها على ما جاءت به الآيات من كتاب الله والأحاديث الصحيحة، وأن ما جاء من ذلك على ظاهره، لكن كيفية ذلك وجنسه وصورتُه مما لا يعلمُه إلا اللهُ أو من أطلعه على غيبه من ذلك من ملائكته ورُسلِه، ومما لا يتأوله ويحيله عن ظاهره إلا ضعيف النظر والإيمان، إذ جاءت به الشريعة، ودلائل العقول لا تحيله، والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، حكمةً من الله تعالى [وإظهار] (٣) لما شاء من غيبه لمن شاء من ملائكته وخلقه، وإلا فهو الغنى عن الكتب والاستذكار (٤)، لا إله غيره.

وفى علو منزلة نبينا وارتفاعه فوق منازل سائر الأنبياء وبلوغه حيث بلغ من ملكوت السماوات - دليل على عُلُوّ درجته وإبانة فضله، بل ذكر البزَّار خبراً فى الإسراء عن على (٥)، وذكر فيه مسير جبريل بالنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على البُرَاق حتى أتى الحجاب، وذكر كلمة، وقال: " خرج ملك من وراء الحجاب، فقال، جبريل: والذى بعثك بالحق، إِنَّ هذا الملك ما رأيتُه منذُ خُلِقْتُ، وإنى أقربُ الخلق مكاناً " وفى حديث آخر: " فارقنى جبريل، وانقطعت عنى الأصْواتُ ".

وقوله: " ثم أُدخلتُ الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ "، قال الإمام: قال الهروى: قال ابن الأعرابى: الجُنْبذَةُ القبة ويجمعها جنابِذُ، قال الإمام: ووقع فى كتاب البخارى: " حبايل اللؤلؤ "، وقيل: إن الصواب ما فى كتاب مسلم.


(١) طه: ٥٨، وقد جاءت فى جميع النسخ: سوياً، وهو خطأ.
(٢) آل عمران: ٦٤.
(٣) غير واضحة فى ت.
(٤) قال ابن عباس وغيره: تكتب الملائكة أعمال العباد، ثم تصعد بها إلى السماء فيقابلون الملائكة الذين فى ديوان الأعمال على ما بأيديهم مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ فى كل ليلة قدر، مما كتبه الله فى القدم على العباد قبل أن يخلقهم، فلا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً. ثم قرأ: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: ٢٩]. وانظر: تفسير القرآن العظيم ٧/ ٢٥٥.
(٥) لم أجده.

<<  <  ج: ص:  >  >>