للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ، مَا هَذَا الذِى تُحَدِّثُونَ؟ وَاللهُ يَقُولُ: {إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَه} (١) {كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} (٢) فَمَا هَذَا الذِى تَقُولونَ؟ قَالَ: فَقَالَ: أَتَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ سَمِعْتَ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ عَليْهِ السَّلامُ - يَعْنِى الذِى يَبْعَثُهُ اللهُ فِيهِ؟ - قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ مَقَامُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَحْمُودُ الذِى يُخْرِجُ اللهُ بِهِ مَنْ يُخْرِج. قَالَ: ثُمَّ نَعَتَ وَضْعَ الصِّرَاطِ وَمَرَّ النَّاسِ عَليْهِ. قَالَ: وَأَخَافُ أَلَّا أَكُونَ أَحْفَظُ ذَاكَ. قَالَ: غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ زَعَمَ أَنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا فِيهَا. قَالَ: يَعْنِى فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ عِيدَانُ السَّمَاسِمِ. قَالَ: فَيَدْخُلونَ نَهْرًا مِنْ أَنْهَارِ الجَنَّةِ فَيَغْتَسِلُونَ فِيهِ، فَيَخْرُجُونَ، كَأَنَّهُم القَرَاطِيسُ، فَرجَعْنَا قُلْنَا: وَيْحَكُمْ! أَتَرَوْنَ الشَّيْخَ يَكْذِبُ عَلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَرَجَعْنَا. فَلا وَاللهِ، مَا خَرَجَ مِنَّا غَيرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ. أَوْ كَمَا قَالَ أَبُو نَعِيمٍ.

٣٢١ - (١٩٢) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْدِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلمَةَ عَنْ أَبِى عِمْرَانَ وَثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ أَرْبَعَةٌ فَيُعْرَضُونَ عَلى اللهِ، فَيَلتَفِتُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: أَىْ رَبِّ، إِذْ أَخْرَجْتَنِى مِنْهَا فَلا تُعْدِنِى فِيهَا. فَيُنَجِيهِ اللهُ مِنْهَا ".

ــ

وقوله فى هذا الحديث فى الجهنميين: " كعيدان السماسم ": كذا فى جميع النسخ ولا يعرف له معنى ها هُنا، ولعل صوابه: عيدان الساسِمْ (٣)، وهو أشبهُ، وهو عود أسود، وقيل: هو الأبنوس، وقد قال بعضهم فى وصف البياض والسواد:

فجاءت بلونين مستحسنين ... أبها من العاج والسَّاسِم

وبه يُشبَّه من صار حُممةً، وأما السماسم فنمل حُمْرٌ صغار أو جمع الحبِّ المأكول (٤) والأخفَّاءُ السِّراعُ. هذا جُلةُ ما فسَّر هذه الكلمة بها أهلُ اللغة ولا مَدْخل لها ها هُنا، ودليلُ أنه أراد تشبيهَهُم بهذه الأعواد لسواده، قوله بعد: " فيغتسلون فيه " يعنى نهر الجنة، " فيخرجون كأنهم القراطيس ".


(١) آل عمران: ١٩٢.
(٢) السجدة: ٢٠.
(٣) فى الأصل: السماسم، ولا متجه له هنا، والمثبت من ت، وهو ما اعتمد عليه النووى فى توجيهه له، ١/ ٤٥٧.
(٤) وهو ما فسَّر به ابن الأثير مراد الحديث فقال: " السماسم جمع سمسم، وعيدانها تراها إذا قلعت تركت فى الشمس ليؤخذ حبُّها دقاقاً سوداء كأنها محترقة، فشبه بها هؤلاء ".
وبعد هذا قال: " وطالما تطلبت معنى هذه اللفظة وسألت عنها فلم أر فيها شافياً ". ثم رجع إلى ما قاله القاضى النهاية ٢/ ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>