للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ ".

٢٤ - (٢٣٩) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْد اللهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُوتِرْ ".

ــ

أجل دخول الشيطان فى الفم حينئذ، أو يكون على طريق الاستعارة، فإن ما ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم من القذارة وضد النظافة التى توافق الشيطان - وهى منه - وأمره بذلك إشارة إلى القيام للوضوء للصلاة، كما جاء فى الآية، وكما جاء فى غسل اليد قبل إدخالها الإناء، وقد جاء مبينًا فى غير كتاب مسلم: " فليتوضأ وليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه " (١).

وقوله: " من استجمر فليوتر: استدل به من يراعى فى المسأله العدد مع الإنقاء، وهى ثلاثة أحجار، وهو قول أبى الفرج وابن شعبان من أصحابنا، وقول الشافعى وأصحابِه، قالوا: وإذا لم يُعقل أنه أراد من الحديث الواحدة التى هى أول عدد الوتر فالمقصود ما زاد على ذلك، وأقلُّه بعدَه من الأوتار ثلاث مع قوله: " أوَ لا يجد أحدُكم ثلاثة أحجار " (٢)، ومالك وجمهور أصحابه وأبو حنيفة لا يراعون العدَد، وإنما يراعُونَ الإنقاء وحدَه، وحجتُهم أقلُ ما يقع عليه اسم وترٍ، فإذا حصل بواحدةٍ كفى، فإن حصل باثنتين فما زاد أوتر استحباباً، ومعنى ذكر الثلاث على ما جرت به العادة فى الانقاءِ أو على الاستحباب، وإن حصل الإنقاء بدونها، أو على أن واحدةٍ لكل جهةٍ، والثالثةُ للوسط (٣)، وسيأتى الكلام على الاستجمار بعد هذا.


(١) لفظ البخارى عن أبى هريرة يرفعه: " إذا استيقظ - أُراه أَحَدُكم - من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثاً، فإنَّ الشيطان يبيتُ على خيشومه " ك بدء الخلق، ب صفة إبليس وجنوده (٣٢٩٥).
قال الحافظ فى الفتح " إن ظاهر الحديث أن هذا يقع لكل نائم، ويحتمل أن يكون مخصوصاً بمن لم يحترس من الشيطان بشىء من الذكر لحديث أبى هريرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من قال: لا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شىء قدير فى يوم مائة مرة، كانت له عدْل عشر رقاب، وكتبت له مائةُ حسنةٍ، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حِرْزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يُمسى " وكذلك آية الكرسى، وفيه: " لا يقربك شيطان "، ويحتمل أن يكون المراد بنفى القرب هنا أنه لا يقرب من المكان الذى يوسوس فيه وهو القلب، فيكون مبيته على الأنف ليتوصل منه إلى القلب إذا استيقظ، فمن استنثر منعه من التوصل إلى ما يقصد من الوسوسة ". فتح ٦/ ٣٩٥.
(٢) وحجتهم فى ذلك حديث سلمان. نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو نستنجى بأيماننا ونكتفى بأقلَّ من ثلاثة أحجار.
(٣) فإن الاستنجاء عندهم ليس بواجب. فالوتر فيه أحرى بألا يكون واجباً. التمهيد ١١/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>