للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُ بِيَدِهِ فِى خَاصِرَتِى، فَلا يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلا مَكَانُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلى فَخِذِى. فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ عَلى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّم فَتَيَمَّمُوا. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ - وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ -: مَا هِىَ

ــ

خُمسُ ميْلٍ، فإن الميلَ عَشرُ غلاءٍ، والغلوَةُ منتهى جرى الفرس، وذلك مائتا ذراعٍ.

وفى الحديث: خروج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنسائه للغزو أو بِبَعْضِهنَّ (١)، وسيأتى هذا فى موضِعِه من النكاح. والبيْدَاءُ وذات الجيش موضعان قريبان من المدينةِ (٢). وفيه اتخاذ النساء القلائد، قيل: كانت هذه من جزع، وجاء فى الحديث الآخر أنها قلادةٌ استعارتها من أسماء، فأضافتها إليها مَرَّةً لكونها فى حوزتها (٣) وقيل: بل قولها: " عقدٌ لى " تقديمٌ وتأخير، أى انقطع لى عقدٌ، ثم بينت أنه لأسماء فى الرواية الأخرى (٤). وكلُ ما يُعقدُ فى العُنق فهو عِقدٌ وقلادةٌ، وقد نقله فى المُعلم: " انقطع عِقدها "، وليس ذلك فى الحديث إِلا كما تقدم. وفيه جواز عارية الحُلىِّ، وتجُملُّ المرأةِ بحُلىِّ غيرها.

وقوله فى الرواية الأخرى: " فهلكتْ ": أى انقطعتْ، كما قال فى الحديث الآخر، وكل فسادٍ هلاك، وتحمل فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا ليكون سُنَّةٌ فى حفظِ الأموال والحَيطة عليها. ودخول أبى بكر - رضى الله عنه - على عائشة ورأسُ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى حجرها وهو نائمٌ دليلٌ


(١) قال أبو عمر: وخروج الرجل مع أهله فى السفر من العمل المباح، فإذا كان له نساءٌ حرائر لم يجز له أن يسافر بواحدة منهن حتى يقرع بينهن، فإذا أقرع بينهن ووقعت القرعةُ على من وقعت منهن، خرجت معه، واستأثرت به فى سفرها، فإذا رجع من سفره استأنف القسمة بينهن، ولم يحاسب التى خرجت معه بأيام سفره معها، وكانت مشقتها فى سفرها ونصبها فيه بإزاء نصيبها منه وكونها معه. التمهيد ١٩/ ٢٦٦.
وفى الاستذكار قال: وخروجهن إلى الجهاد مع ذوى المحارِمِ والأزواج إنما يصح - والله أعلم - فى العسكرِ الكبير الذى الأغلب منه الأمنُ عليهن. الاستذكار ٣/ ١٤٢.
(٢) البيداء: هى الشرف الذى أمام ذى الحليفة من طريق مكة، وذات الجيش: موضع على مسافة بريد من المدينة، وهو إلى العقيق أقرب.
(٣) فى الأصل: حوزها، والمثبت من ت.
(٤) جاء فى مسند الحميدى من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: " أنها سقطت قلادتها ليلة الأبواء، فأرسل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلين من المسلمين فى طلبها، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فلم يدريا كيف يصنعان؟ قال: فنزلت آية التيمم، قال أسيد بن حضير: جزاك الله خيراً، فما نزل بك أمر تكرهينه إِلا جعل الله لك منه مخرجاً، وجعل للمسلمين فيه خيراً ".
قال أبو عمر: ليس اختلاف النقلة فى العقد والقلادة ولا فى الموضع الذى سقط ذلك فيه لعائشة، ولا فى قول القاسم عن عائشة عقد لى، وقول هشام: إن القلادة استعارتها من أسماء - ما يقدح فى الحديث. ولا يوهن شيئًا منه؛ لأن المعنى المراد من الحديث والمقصود إليه هو: نزول آية التيمم، ولم يختلفوا فى ذلك. التمهيد ١٩/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>