للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُهُمُ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى. وَقَالَ: بَعْضُهُمْ: قَرْنًا مِثْلَ قَرْنِ اليَهُودِ. فَقَالَ: عُمَرُ أَوَ لَا تَبْعَثُونَ رَجُلاً يُنَادِى بِالصَّلاةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا بِلالُ قُمْ. فَنَادِ بِالصَّلاةِ ".

ــ

جاء فى الحديث الآخر عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد هممتُ أن أئت رجالاً ينادون المسلمين لحين الصلاة " (١)، وفى الأحاديث الصحيحة غيره أنه من رؤيا عبد الله بن زيد وأن عمر ذكر أنه رأى مثل ذلك (٢)،


(١) لعله يعنى بذلك ما أخرجه البخارى فى صحيحه وأحمد فى المسند عن أبى هريرة عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتُقام، ثم أخالِفَ إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة فأُحَرِّق عليهم " ك الخصومات، ب إخراج أهل المعاصى والخصوم من البيوت بعد المعرفة ٣/ ٦٠.
(٢) يعنى بذلك ما أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجة من حديث محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، ولفظه: حدثنى أبى عبد الله بن زيد قال: لما أَمَرَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالناقوسِ يُعملُ، ليضرِبَ به الناس فى الجمع للصلوات، طافَ بى وأنا نائم رجلٌ يحمل ناقوساً فى يده، فقلت: يا عبد الله، أتبيعُ الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلتُ، ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أَدُلُّك على ما هو خير من ذلك؟ فقلتُ له: بلى، قال: فقال: تقولُ: الله أكبر الله أكبر، فذكر الأذان مثنى مثنى، قال: ثم استأخر عنى غير بعيد، ثم قال: ثم تقول إذا أقيمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إِلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حىَّ على الصلاة، حىَّ على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إِلا الله.
قال: فلما أصبحتُ أتيتُ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرتُهُ بما رأيتُ، فقال: " إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلالٍ فألق عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتاً منك ". فقمتُ مع بلال، فجعلتُ ألقيه عليه، ويؤذن به. قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو فى بيته، فخرج يجُرُّ رداءه يقول: والذى بعثك بالحق يا رسول الله صلى الله عليك، لقد رأيتُ مثل ما رأى. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فله الحمد ". أبو داود فى الصلاة، ب كيف الأذان، الترمذى كذلك، ب ما جاء فى بدء الأذان، بغير ذكر ألفاظ الأذان والإقامة، ابن ماجة، ب بدء الأذان، أحمد فى المسند ٤/ ٤٣، كما أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه، جملة أبواب الأذان والإقامة، ب ٣٧ - ١/ ١٩١، وابن حبان فى صحيحه ٤/ ٥٧٣، البخارى فى أفعال العباد جميعاً من طريق ابن إسحاق، وقد صرَّح فى كثير منها بالسماع، فالحديث على ذلك حسن، وقال فيه الترمذى: حديث حسن صحيح.
وقد أخرجه أحمد فى المسند ٤/ ٤٢، البيهقى فى السنن ١/ ٤١٤ من طريق الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد، أخرجه عبد الرزاق فى المصنف (١٧٨٧) عن إبراهيم بن محمد عن أبى جابر البياضى عن ابن المسيب، عن عبد الله بن زيد، وأخرجه أيضاً هو وابن أبى شيبة ١/ ٢٠٣، الطحاوى فى شرح معانى الآثار ١/ ١٣١، ١٣٢، البيهقى فى السنن ١/ ٤٢٠ من طريق عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبى ليلى، قال فى الجوهر النقى: وقال ابن حزم: هذا إسناد فى غاية الصحة ١/ ١٠٨، وقال الزيلعى فيه: وهذا رجاله رجال الصحيح، وهو متصل على مذهب الجماعة فى عدالة الصحابة ١/ ١٤٠.
قال فى إعلاء السنن: اعلم أن الأذان قد ثبت فى الشرع برؤيا غير النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن مقروناً بتقريره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو وحى حكمى، وما يروى فى ثبوته بالوحى الحقيقى ابتداءً فالأحاديث فيه لا تخلو من جرح ٢٠/ ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>