للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولم يأمرنا بزيادة على ما سمى ركوعًا وسجودًا، والثانى: إيجابها تعلقًا بهذا الحديث، وقد خرج مخرج التعليم فوجب إثبات الوجوب لكل ما ورد فيه، إِلا ما خرج منه بدليل (١).

قال القاضى: وقوله: " ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا "، وقوله: " ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا " حجة في وجوب الاعتدال في القيام من الركعة (٢) وفى الجلوس بين السجدتين، ولا خلاف أن الفصل بين السجدتين واجب، وإلا فكانت سجدة واحدة، ولكن الاعتدال في الجلوس فيما بينهما، وفي رفع الرأس من الركوع والاعتدال منه مختلف في وجوبه عندنا، وهل هو مستحق لذاته فلابد منه أو للفصل فيحصل الفصل بما حصل منه وتمامه سنة.

وقوله: " ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ": دليل على وجوب القراءة في جميع الركعات على مشهور مذهبنا، إذ أمره أولاً بالقراءة.

وقوله: " ثم ارفع " ظاهره أنه من الرفع ببن السجدتين كما تقدم، وهو يبين قوله في الرواية الأخرى في المصنفات: " ثم اجلس حتى تطمئن جالسًا "، وقد يحتج به من يرى وجوب الجلوس كله، والحجة فيه ضعيفة لقوله ذلك بعد ذكره السجود، ولقوله بعد هذا " وافعل ذلك في صلاتك كلها " (٣).

وفى هذا الحديث: أن أفعال الجاهل في العبادات على غير علم لا يتقرب بها ولا تجزى؛ لقوله: " فإنك لم تصل "، وفى هذا الحديث: الرفق في الأمر بالمعروف وحسن


(١) الطمأنينة: هى استقرار الأعضاء زمناً ما، وقد ذهب الشافعية والحنابلة وأبو يوسف من الحنفية وابن الحاجب من المالكية إلى أنها ركنٌ من أركان الصلاة، لحديث المسىء صلاته السابق، ومحلها عندهم في الركوع والسجود، والاعتدال من الركوع، والجلوس بين السجدتين.
وذهت الحنفية - عدا أبا يوسف - إلى أنها واجبة وليست بفرض، ويسمونها " تعديل الأركان " وأوجب ابن عابدين سجود السهو بتركه. وعند المالكية على ما ذكر الإمام، قال الدسوقى: القول بفرضيتها صححه ابن الحاجب، والمشهور من المذهب أنها سنة. راجع: الموسوعة الفقهية ٢٩/ ٨٩.
(٢) فى ت: الركعتين.
(٣) أخرج الترمذى عن أنس أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " يا بنى، إذا سجدت فأمكِن كفَّيك وجبهتك من الأرض، ولا تنقُر نقْرَ الديكِ، ولا تُقع إقعاء الكلب، ولا تلتفت التفات الثعلب " ك الصلاة، ب ما ذكر في الالتفات فى الصلاة ٢/ ٤٨٤، وقال: حديث حسن غريب.
وقد ذهب فريق من العلماء إلى أن الطمأنينة هيئة عمل، وهيئة العمل لا يُعدم معها العمل، ومن أوجب الطمأنينة أوجبها على أنها ركن.
وقد أخرج مالك عن صدقة بن يسار عن المغيرة بن حكيم: أنه رأى ابن عمر يرجع في سجدتين في الصلاة على صدور قدميه، فلمَّا انصرَف ذكر ذلك له، فقال له: إنها ليست سُنَّةَ الصلاة، وإنما أفعل هذا من أجل أنى أشتكى. الموطأ، ك الصلاة، ب العمل في الجلوس فى الصلاة ١/ ٨٨.
قال ابن عبد البر: فيه أن ابن عمر قال في انصراف المصلى بين السجدتين على صدور قدميه: إنها ليست سُنَّة الصَّلاة، قال: والسنة إذا أطلقت فهى سنة رسول الله حتى تضاف إلى غيره، كما قيل: سُنة العُمَرين ونحو هذا. الاستذكار ٤/ ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>