للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَلَّيْنَا بصَلَاتِهِ قُعُودًا. فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: " إنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ، يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهْم وَهُمْ قُعُودٌ، فَلَا تَفْعَلُوا، ائْتَمُّوا بِأَئمَّتِكُمْ، إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا ".

٨٥ - (...) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِىُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ، فَإِذَا كَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ لِيُسْمِعَنَا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيْثِ.

٨٦ - (٤١٤) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ - يَعْنِى الْحِزَامِىَّ - عَنْ أَبِى

ــ

ولعل التفاته - عليه السلام - هنا إنما كان قاصدًا ليعرف عملهم فى الصلاة وراءه؛ ليبين لهم سنّة ذلك، كما كان إذْ كانت حاله اختلفت ولم يتقدم منه لهم فيها بيان، فالتفت صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليرى هل اقتدوا به وامتثلوا قوله: " صلوا كما رأيتمونى أصلى " (١) وحملوه على عموم الأحوال، أو اجتهدوا وأوَّلوا أن ذلك ما لم يكن لعذر، فبين لهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اتباعهم فى كل حال والإشارة والالتفات من العمل اليسير لإصلاح الصلاة غير مفسد لها ولا مكروه فيها، وقد ذكرنا من هذا قبل والخلاف فيه.

وقوله: " إن كدتم تفعلون فعل فارس والروم؛ يقومون على ملوكهم وهم قعود ": بيان لِعلّة أمرهم بالجلوس، ودليل على كراهية هذا لهذه الأمة، وعليه يحمل ما جاء فى النهى عن القيام والوعيد لمن سرّه أن يتمثل له الناس قيامًا، يعنى وهو قاعد، وقد قال عمر ابن عبد العزيز - رحمه الله - وقد قاموا له: إن تقوموا نقم، وإن تقعدوا نقعد، فهو إنما كره القيام على القاعد، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بقيام النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجعفر (٢) وعكرمة (٣) وأسامة (٤) وغيرهم وتلقيهم وقد قال للأنصار: " قوموا لسيدكم " (٥) وهو أولى ما حمل الحديث عليه، وجاء مثله عن جماعة من العلماء والسلف. وحمل بعضهم الباب


(١) البخارى فى الأذان، ب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة، الدارقطنى، ك الصلاة، ب فى ذكر الأمر بالأذان والإقامة وأحقهما ١/ ٢٧٢. كما أخرجه البيهقى فى ك الصلاة، ب من سها فترك ركناً عاد إلى ما ترك حتى يأتى بالصلاة على الترتيب ٢/ ٣٤٥.
(٢) انظر: مصنف ابن أبى شيبة، ك الفضائل، ب ما ذكر فى جعفر بن أبى طالب - رضى الله عنه - (١٢٢٥٤)، البيهقى فى السنن الكبرى، ك النكاح، ب ما جاء فى قبلة ما بين العينين ٧/ ١٠١، وقال فيه: مرسل.
(٣) أسد الغابة ٤/ ٥.
(٤) الذى جاء به الحديث فى ذلك زيد بن حارثة، وقد أخرجه الترمذى من حديث عائشة، ك الاستئذان، ب ما جاء فى المعانقة والقبلة، وقال: هذا حديث حسن غريب (٢٧٣٢).
(٥) جزء حديث أخرجه الشيخان، البخارى، ك الاستئذان، ب قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قوموا إلى سيدكم " =

<<  <  ج: ص:  >  >>