للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُتْبَةَ؛ أَنَّ عائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالتْ: أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِهَا، وَأَذِنَّ لَهُ. قَالَتْ: فَخَرَجَ وَيَدٌ لَهُ عَلَى الْفضْل بْنِ عَبَّاس، وَيَدٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ. وَهُوْ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ فِى الأَرْضِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَتَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ هُوَ عَلِىٌّ.

٩٢ - (...) حدّثنى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِى أَبِى، عَنْ جَدِّى، قَالَ: حَدَّثَنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللهِ بِنْ عَبْدُ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ؛ أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ اسْتَأذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِى، فَأَذِنَّ لَهُ. فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلَاهُ فِى الأَرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ.

قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدِ اللهِ بِالَّذِى قَالَتْ عَائِشَةَ. فَقَالَ لِى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَدْرِى مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِى لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ عَلِىٌّ.

ــ

وفى هذا الحديث حجة لمن ائتم فى الصلاة بمأموم على القول أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان الإمام، وفى المذهب عندنا فيه قولان: الصحة والفساد، على هذا أيضًا فيه جواز الائتمام فى صلاة واحدة بإمامين واحدًا بعد آخر وهو أصل فى الاستخلاف وجوازه، وحجة على داود والشافعى فى منعه ذلك (١) وعلى أن الصلاة لا تصح بإمامين لغير عذر، مذهب الجمهور وأجازها الطبرى والبخارى وبعض الشافعية، استدلالاً بهذا الحديث، وعندنا العذر فى هذا التقدم بين يدى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنهى عنه، وأن هذا خصوصًا له، وقد وقع لابن القاسم من أئمتنا فى إمام أحدث فاستخلف ثم انصرف، أنه يجوز للمستخلف أن يتأخر له ويتم الأول بهم الصلاة، كأنه أخذ بظاهر هذا الحديث وهو غير جار على أصولنا.

وقوله: فى الحديث فى استئذانه - عليه السلام - أن يمرّض فى بيت عائشة، هذا منه - عليه السلام - على تطيب نفوسهن، وحكم الزوج إذا مرض معهن ولم يقدر على الدوران عليهن مختلف فيه، هل هو اختصاص كونه عند إحداهن على أختياره، أو هو حق لجميعهن فيقرع بينهن فى ذلك، ولم يكن القسم فى حقه - عليه السلام - واجبًا، لكن كان - عليه السلام - يلزمه نفسه لتطييب نفوسهن، وليحسن صحبتهن، وليقتدى به أمته قال الله تعالى: {تُرْجِى مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ} الآية (٢).


(١) هذا فى القديم، قال البيهقى: وقوله الجديد فى جواز الاستخلاف أصح القولين، معرفة السنن ٤/ ١٩٧.
(٢) الأحزاب: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>