كتاب شرح مسند الشافعي

والحديث يدل على تحريم كل مسكر، ويؤيده ما روى مسلم في "صحيحه" (١) عن أبي الربيع العتكي عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يُدمنها لم يتب؛ لم يشربها في الآخرة".

وروى أيضًا (٢) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر حرام، إن على الله عهدًا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال" قالوا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طينة الخبال؟

قال: "عَرَق أهل النار أو عصارة أهل النار".

وقوله: "كل شراب أسكر" يمكن أن يراد به أسكر في جنسه كقولنا: "الماء مرو والسقمونيا مسهل"، ويمكن أن يراد أسكر قدره، ويدل على الأول ما روي عن محمَّد بن المنكدر عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أسكر [كثيره فقليله] (٣) حرام" (٤) ويروى مثله عن محمَّد بن إسحاق وأبي معشر عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٥)، وعن موسى ابن عقبة عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٦)، وعن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب، عن

(١) "صحيح مسلم" (٢٠٠٣/ ٧٣).
(٢) "صحيح مسلم" (٢٠٠٢/ ٧٢).
(٣) في الأصل: قليله فكثيره. خطأ.
(٤) رواه أبو داود (٣٦٨١)، والترمذي (١٨٦٥)، وابن ماجه (٣٣٩٣)، وابن الجارود (٨٦٠)، وابن حبان (٥٣٨٢).
قال الترمذي: حسن غريب من حديث جابر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٥٥٣٠).
(٥) رواه البيهقي (٨/ ٢٩٦).
(٦) رواه البيهقي (٨/ ٢٩٦).