للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الآخر، ولا يقال للثوب الواحد حلة.

وقوله: "حلة سيراء" الأظهر في الكلمة الإضافة، ومنهم من يقول: حلة سيراء على الصفة، وذكر أن السيراء: الحرير الصافي، والمعنى حلة حرير، وعن مالك: أن السيراء وشي من حرير، وقال الخطابي: السيراء: ضرب من البُرود سمّي به لما فيه من الخطوط التي تشبه السيور، وفي "الصحاح": أنه بُردٌ فيه خطوط صفر.

وفيه دليل على أنه يستحب لمن أتى الجمعة أن يلبس أحسن ما يجد من ثيابه، وأنه يحسن أن يشتري الأجود إذا لم يكن عنده، وأنه لا بأس بالشرى لهذا الغرض فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على ما قاله عمر -رضي الله عنه- من هذِه الوجوه؛ وإنما تعرض لمانع اللبس في تلك الحلة، وعلى أنه يحسن التجمل للوفود لإكرامهم ولغير ذلك من الأغراض "الصحيحة" وعلى أنه إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة، وهذا ظاهر على تفسير من فسر السيراء بحرير، وهو كقوله - صلى الله عليه وسلم - في آنية الذهب والفضة: "فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة" (١) وأما على قول من فسر بضرب من البرود فيجوز أن يكون امتناعه لكونها من ثياب الشهرة والزينة وقد ورد النهي عن لبس ما يشهر من الثياب، وعلى أن ثياب الحرير لا يمنع من بيعها وشرائها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على قول عمر: "لو اشتريت هذِه" وأيضًا ففي بعض الروايات أنها كانت تباع عند باب المسجد، وعلى أن الأدب لمن أعطاه كبير ملبوسًا أن يلبسه، ولذلك قال عمر -رضي الله عنه- "كسوتنيها وقد قلت ما قلت" كأنه يقول كان من حقي أن ألبسها إذا أعطيتنيها وكيف ألبسها وقد قلت في مثلها ما قلت.

وفي قوله "كسوتنيها".


(١) رواه البخاري (٥٦٣٢)، ومسلم (٢٠٦٧/ ٤) من حديث حذيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>