للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويوافقه حديث طاوس المنقول في الكتاب، وروي مثله عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش، وحاول محاولون الجمع بين الروايات بأن الفعل كما يضاف إلى الفاعل يضاف إلى الآمر، كما يقال: رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - ماعزًا، وضرب الأمير درهمًا، وبنى فلان دارًا، وكان في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من أفرد ومنهم من تمتع ومنهم من قرن، وفعل كل منهم صدر عن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه فأضيف ما فعلوه إليه، وذكر الإِمام أبو سليمان الخطابي أن الشافعي رضي الله عنه جمع بين الروايات هكذا في كتاب "اختلاف الحديث" وأنت إذا نظرت في الروايات وتأملت ألفاظها لم يتهيأ لك هذا الجمع، أليس قد روينا عن عائشة أنها قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الودع فمنا من أهل بالعمرة، ومنا من أهل بالحج ومنا من أهل بهما، وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج" وهذا ونحوه بعيد عما قيل في الجمع، على أني قد راجعت كتاب "اختلاف الحديث" غير مرة فلم أعثر على ما يشعر بذلك، ويمكن أن يقال -بناء على الأظهر من المذهب وهو أن الإفراد أفضل-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد وقول من قال: "جمع بينهما" محمول على أنه فعلهما جميعًا، وقصد الكعبة لهما، وذكرهما في تلبيته ليعرف أن كل واحد واجب مفعول، ومعلوم أن الاعتبار في الإحرام بالنية لا بالتلبية، ويحمل قول من قال: "تمتع" على أنه أمر به؛ وأما أنه أمرهم بأن يجعلوا إحرامهم عمرة ويحلوا فقد اتفقت الروايات عليه وذلك لا إشكال فيه على رواية من روى أنهم أحرموا إحرامًا مبهمًا، فإن من أبهم الإحرام له أن يصرفه إلى ما يشاء؛ وإنما أمرهم بأن يجعلوه عمرة تسهيلًا للأمر عليهم كيلا تطول مدة الإحرام، وقد ذكر الشافعي في "اختلاف الحديث" أن إبهامهم الإحرام أولى أن يكون محفوظًا من سائر الروايات، وأما على

<<  <  ج: ص:  >  >>