للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كُنا مَع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فطَلعَ البدرُ فقالَ: «لَينظرَنَّ قومٌ إلى ربِّهم لا يُضامونَ في رُؤيتِهِ كما تَنظرونَ إلى القمرِ» (١).

في بعضِ الرِّواياتِ: «هَل تُضارونَ في الشمسِ ليسَ دونَها حجابٍ» (٢)، فالذي يَروي: «تُضارُّونَ» بالتَّشديدِ / والذي يَروي بالتَّخفيفِ، المَعنى فيهما واحدٌ، وهو مِن: «ضارَه يَضيرُه ويَضورُه» وهو مأخوذٌ مِن الضَّيرِ، يَعني: لا يُنازعُ بعضُكم لبعضٍ في الرؤيةِ.

وأمَّا الرِّوايةُ بالميمِ والتَّشديدِ، فمَعنى ذلكَ: لا يَنضَمُّ البعضُ إلى البعضِ في حالةِ النَّظرِ إليه، كما يُفعلُ في حالِ رُؤيةِ الهلالِ. والذي رواهُ بتَخفيفِ الميمِ فالمَعنى فيه: أنَّه لا يُصيبُهم في رُؤيتِهِ ضَيمٌ، وأَن يَراهُ بعضُهم دونَ بعضٍ، بَل يَستوي في رُؤيتِهِ الجميعُ مِن أَهلِ الجنةِ.

وهذا هو مذهبُ أهلِ السُّنةِ والجماعةِ، أنَّ اللهَ تعالى يَراهُ أهلُ الجنةِ مِن غيرِ تَكييفٍ ولا إحاطةٍ ولا تَمثيلٍ ولا تَشبيهٍ، فيَجبُ الإيمانُ بذلكَ ولا يجوزُ مخالفتُهُ.


(١) أخرجه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢/ ٣٥٢)، والضياء المقدسي في «جزء فيه عدة أجزاء منها حديث عنبسة بن سعيد» (٥٥)، وابن جماعة في «مشيخته» (٢/ ٤٩٤)، وأبو علي الكردي في «جزء يشتمل على ثمانية وخمسين حديثاً» (٥٤) من طريق ابن مندة بهذا اللفظ.
وهو عند البخاري (٥٥٤) وأطرافه، ومسلم (٦٣٣) من طريق إسماعيل بن أبي خالد بنحوه.
(٢) ليس هذا اللفظ بالمشهور في حديث جرير البجلي، فلم أظفر به إلا في «سيرة جرير البجلي - مخطوط» (١٢) لأحمد بن عيسى المقدسي.
وإنما هو في حديث لأبي هريرة عند البخاري (٦٥٧٣) (٧٤٣٧)، ومسلم (١٨٢)، وعندهما: «.. ليس دونها سحاب». والله أعلم.

<<  <   >  >>