للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضُهم بانها كانت وُسْطَى الثلاثة الّتي فاتتها، وهذا ضعيفٌ.

وأمّا المغرب، فإنّها وسطٌ في الزمان؛ لأنّها مفعولة (١) عن إدبار النّهار والإشراف على اللّيل، ولأنّها وسطٌ في العدد، ولأنّها وِتْرُ النّهار، والوِتْر أفضل من الشَّفع، والله وِترٌ يحبُّ الوِتر (٢)، ولأنّها جمعت أحوال الصّلوات كلّها حتىّ الجَهْر في القراءة والسَّرّ.

وأمّا العَتَمَة، فإنها وُسطَى في الفضل كما تقدم من فضائلها, ولأنّ الصّحيفة بها تُخْتَم كما تفتتح (٣) بالصُّبح، ولأنّها مصونة بالنَّهي عن الحديث بعدها برًّا بها.

وأمّا الجمعة، فإنّها وسط في الفضل لكثرة شروطها، وكثرةُ شروط الشَّيء دليلٌ على فضله، ولأنّها مخصوصةٌ بهذه الأُمّة.

هذا منتهى الإشارة إلى جماع الفضائل، فمن نظر إلى تعارض الأدلّة، قال: كلُّها وُسْطَى. ومنهم من قال -كما قلنا -: هي مخبوءةٌ ليحافظ على الكُلَّ.

قال الإمام: وإذا أردت أنّ تقف على الصّحيح في ذلك لسلوك مدرجة النّظر إليه، فاعلم أنّ حديث عائشة في "الموطَّأ" (٤) على أنّ القراءة الشّاذَّة لا توُجبُ عِلْمًا ولا عَمَلًا (٥)، وأمّا سائر الأدلّة في سائر الصذلوات فَبَيَّنَةٌ، وإنّما يكون الإشكال بَيْنَ الصُّبح والعصر، والصّبح أكثر فضائل منها حسب ما سطَّرناه قَبْلُ.

تنبيه (٦):

وربَّما توهّم أنّ قوله: "مَنْ تَرَكَ صلاةَ العصرِ حَبِطَ عَمَلُهُ" *مزيَّةٌ لها على غيرها، وهو وهم؛ لأنّ من ترك صلاة المغرب حِبَطَ عَمَلُهُ* (٧) على الوجه الّذي يحبط بترك صلاة العصر, وكذلك بترك سائر الصلوات، فقد بهذا كلّه أنّها الصُّبح، حسب ما


(١) جـ: "مفصولة" وفي القبس: "مفعولة عند" وهي سديدة.
(٢) أخرجه البخاريّ (٦٤١٠)؛ ومسلم (٢٦٧٧) من حديث أبي هريرة.
(٣) في النُّسَخِ: "تختم" والمثبت من القبسِ (ط. هجر).
(٤) الحديث (٣٦٧): "عن أبي يونس مَولى عائشة؛ أنّها أملت عليه: "حافظوا على الصّلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر، وقوموا لله قانتين" ثمّ قالت: سمعتها من رسول - صلّى الله عليه وسلم -.
(٥) انظر: المحصول في علم الأصول: ٥٠/ أ.
(٦) انظره في القبس: ١/ ٣٢٠.
(٧) ما ببن النجمتين ساقط من النُّسَخ بسبب انتقال نظر النّاسخ، واستدركناه من القبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>