للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأثيرٌ في الموجودات الأرضيّة، لا من الأَبْدَانِ ولا مِنَ الأَموال (١)، ولا من شيءٍ من الأشياء؛ لأنّه قال قوم من الّذين لا يعلمون: إنّ قوله: "لا يَخسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ" إشارةٌ إلى أنّها مُوجِبَة لمَوْتٍ وَفَقْرٍ وعَزل ونازِلَة سواء، وهذا كلام كافر ملحد لا يُلْتَفَتُ إليه مع هذا الحدَيث الصّحيح. ولأنَّ الكُلَّ يتعلَّقُ بقدرة الله سبحانه، وهو الّذي يخلقُ بعضها من بعض، ويخلق بعضها في إثر بعض. فإذا رآه الغافل (٢) قال: هذا من هذا {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} (٣).

نكتةٌ (٤):

قال الإمام: ومن أَغْرَبِ ما سمعتُ في الدُّنيا، ما أخبرنا أبو الحسن المبارَك بن عبد الجبَّار ببغداد، قال: حدَثنا أبو القاسم محمّد بن عبد الملك (٥)، قال: حدّثنا محمّد بن عطية الزّاهد؛ أنّه قال: أَنْفَاسُ العَبْدِ الّتي تجري في بَدَنِهِ وتخرجُ على فَمِهِ، هي الّتي تُحرِّكُ الأفلاكَ في السّماوات عَدَدًا بعَدَدٍ، وتقديرًا بتَقْدِيرٍ. وذُكِرَ ذلك عن جماعةٍ من الأوائل الكَفَرَةِ، فاضْرب طائفة بطائفة، وارجع إلى الله في الجميع.

الفائدة الثّانية:

قوله (٦):" يُخَوِّف اللهُ بهما عِبَادَهُ" أمّا على تقدير أهل الحساب، فيخوِّفُ اللهُ بهما عبادَه الّذين لا يعقلون من العَوَّامِّ، وأمّا أهل الخصوص الذين أَحَاطُوا بالسّماوات والأرض (٧) {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} الآية (٨).

ووجه التّخويف: أنّ الشّمس والقمر إذا أدركه التّغيير مع عُلُوِّ شأنه وارْتِفَاعِ مكانه، فكلُّ شيءٍ دُونَه أَوْلَى بذلك منه أو مثله، وفي الّذي يُصيبُه من التّغيير اليسير الآنَ علامةٌ وإنذارٌ لما يصيب (٩) من الفساد.


(١) وبمكن أنّ تقرأ: "الأحوال".
(٢) ف، جـ: "العاقل" والمثبت من القبس.
(٣) النِّساء: ٧٨.
(٤) انظرها في القبس: ١/ ٣٨١.
(٥) هو ابن بشران (ت. ٤٤٨) انظر أخباره في تاريخ بغداد: ٢/ ٢٤٨.
(٦) في رواية مسلم (٩٥١) عن عائشة.
(٧) هذا الكلام فيه نظر فالأحاطة لا تكون إلَّا لله سبحانه.
(٨) التوبة: ٧٩.
(٩) م: "يصاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>