للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثّانية: عدم الانقطاع بدَوَامِ البَقَاء، كلَّما قُطِعَت منه حبَّة نشأَت مئة، كطعام البَرَكَة.

وقد قال بعض النَّاس (١): إنّ طعام الجنَّة إذا رآه العبدُ، خَلَقَ الله له مثله في البَطْنِ. وليس كذلك، بل نقول: يقطعه وياكله، ويخلف موضعه، وقد بيَّنَّا ذلك.

الفائدة التّاسعة (٢):

قال علماؤنا (٣): فيه الكلام با "لو"، وذلك أنّ العربَ تقولُ في "لو" إنّها تجيء لامتناع الشَّيْءِ بامتناع غيره (٤)، كقوله -عليه السّلام-: "لوْ كان بَعْدِي نَبيٌّ لكان عُمَر" (٥) ولا سبيل أنّ يكون بعدَهُ نبيٌّ، كما لا سبيلَ أنّ يكون عمر نبيًّا، فلم يأخذه - صلّى الله عليه وسلم - ولم يأكل منه في الدُّنيا؛ لأنّ طعام الجنَّة باقٍ أَبدًا لا يَفْنَى، ولا يجوز أنّ يكون شيءٌ من دار البَقَاء في دار الفَنَاءِ.

وقد قَدَّرَ اللهُ تعالى أنّ رزق (٦) الدُّنيا لا ينال إلَّا بالتَّعبِ فيه والنَّصب، ولا يُبَدَّلُ القولُ لَدَيه.

وأيضًا: فإن طعام الجنَّة إنّما شَوَّقَ اللهُ إليه عبادَه وَوَعَدَهُم نَيْله جزاءً لأعمالهم الصّالحة، والدُّنيا ليست بدار جَزَاء، فلذلك لم يصلح لهم أَكْلُه في دار الدُّنيا (٧).

الفائدةُ العاشرة:

قوله (٨): "وَرَأَينَا أَكثَرَ أَهْلِهَا النِّساء". وفي حديث آخر: "قمتُ على بَابِ الجَنَّةِ، عَامَّةُ من يدخلها المَسَاكِين. وإذا أَصحابُ الجَدِّ محبوسونَ، إلَّا أصحابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ، إلى النَّارِ وقمتُ على بَابِ النَّارِ، فإذا عَامَّةُ مَنْ يَدخلها النِّساءُ" (٩)


(١) لعلّه يقصد الإمام الغزالي.
(٢) هذه الفائدة مقتبسة من شرح ابن بطّال: ٣/ ٤٢.
(٣) المقصود هو الإمام ابن بطّال.
(٤) انظر المحصول في علم الأصول: ١٣/ ب.
(٥) أخرجه أحمد: ٤/ ١٥٤، والترمذي (٣٦٨٦)، والحاكم: ٣/ ٥٨ من حديث عقبة بن عامر.
(٦) ف، جـ: "أرزاق" والمثبت من شرح ابن بطّال.
(٧) في شرح ابن بطّال: "ولذلك لم يصحّ لهم في الدنيا أخذه".
(٨) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الموطَّأ (٥٠٨) رواية يحيى.
(٩) أخرجه البخاريّ (٥١٩٦)، ومسلم (٢٧٣٦) من حديث أسامة بن زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>