للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافعيّ: لا يجوز أنّ يقرأ منه كلمة واحدة.

والدَّليلُ على ما نقوله: أنّ هذا ممّا تَدْعُو الضّرورة إليه للتَّعَوُّذِ وذِكرِ الله على كلِّ حالٍ، فلم تمنع الجنابة منه كما لم يمنع الحَدَثَ من مسِّ الآية والشّيء اليسير من القرآن في الرِّسالة والخُطبَةِ.

المسألة الخامسة (١):

وأمّا القراءةُ في الطُّرُقِ على غيرِ وُضُوءٍ، فقد قال مالك في "العُتْبيَّهَ": أمّا الشيء اليسير لمن يتعلَّم القرآن، فلا بأس به، وأمّا الرَّجُل الّذي يطوفُ بالكعبةَ يقرأ القرآن في الطّريق، فليس من شَأنِ النَّاس.

[ما جاء في تحزيب القرآن]

مالك (٢)، عن داوُدَ بن الحُصَينِ، عن الأَعْرَجِ، عن عبد الرّحمن بن عَبْدٍ القاريِّ؛ أنّ عمر بن الخطّاب قال: من فَاتَهُ حِزْبُهُ من اللَّيْلِ، فَقَرَأَهُ حِينَ تزولُ الشَّمْسُ إلى صلاةِ الظُّهْرِ، فإنّه لم يَفُتْهُ، أو كَأَنّهُ أَدْرَكَهُ.

الإسناد (٣):

قال الإمام: هكذا هو في "الموطَّأ" عن داود، وهو وَهَمٌ ولا أدري ممّن هو؟! والغَالب أنّه من داود؛ لأنّ المحفوظ من (٤) حديث ابن شهاب، عن السَّائِب بن يَزِيد وعُبَيْد الله بن عبد الله، عن عبد الرّحمن بن عَبْدٍ القاري، عن عمر بن الخطّاب (٥) قال: من نَامَ عَن حِزبِهِ، فَقَرَأَهُ ما بين صَلاَةِ الفَجْرِ وصَلاَةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيلِ (٦).

ومن أصحاب ابن شهاب من يرفعه إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، منهم: عقيل بنيزيد من رواية ابن وهب (٧)، وهو عند أهل العلم بالحديث أَوْلَى بالصَّوابِ من حديث دَاوُد


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٣٤٦.
(٢) في الموطَّأ (٥٣٨) رواية يحيى.
(٣) كلام المؤلِّف في الإسناد مقتبس من الاستذكار: ٨/ ١٩ - ٢٠ بتصرُّف.
(٤) غ، جـ: "في" والمثبت من الاستذكار.
(٥) "عن عمر بن الخطّاب" زيادة من الاستذكار يستقيم بها الكلام.
(٦) أخرجه من هذا الطريق أحمد ١/ ٣٢، والدرامي (١٤٨٥)، ومسلم (٧٤٧).
(٧) ذكر هذ الرِّواية الدارقطني في غرائب حديث مالكٌ، نصّ على ذلك ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٢/ ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>