للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر البخاريّ (١) عن ابن مسعود قال: إذا تكلَّمَ اللهُ بالوَحْي سَمعَ أهلُ السّمواتِ مثل وقوع السِّلْسِلة (٢) على الصّفا (٣).

وقال أبو هريرة (٤): "إذا قَضَى اللهُ الأمْرَ في السَّماءِ، ضربتِ الملائكةُ بأَجْنِحَتِها خَضعًا لِقَوْلهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ على صَفْوَانٍ فإذا فُزِّعَ عن قلوبِهِم وسَكَنَ ذَلِكَ الأمْرُ (٥)، عَرَفُوا أنّهُ الحَقُّ، ونادَوا: ماذا قال رَبُّكُم؟ قالوا: الحَقُّ، وهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ" (٦).

وفي حديث يعلي بن أميّة: إذا نزل عليه الوَحْيُ يحمرُّ وجهه، ويَغِطُّ غَطِيطَ البِكْرِ ويَنْفُخُ (٧)، إلى ضروب كثيرة لستُ أحصيها من أحاديث ومعانٍ.

تكملة:

فإن قيل: ما الفائدةُ في قولِ البخاريّ في أَوّلِ كتابه (٨) {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} الآية (٩)، ولم يقل: إلى آدم، وهو أوَّلُ الأنبياء.

الجواب- قلنا: إنّما قال ذلك؛ لأنّ فيه معنى الوَعيد والتّهديد لأُمَّتِهِ - صلّى الله عليه وسلم -؛ لأنّ نُوحًا عليه السّلام أوّل نبيٍّ عُوقِبَ قَوْمُهُ فأُهْلِكُوا، فكأنّه قال: إنّا أوحينا إليك كما أوْحَينَا إلى نوح وقومه، فإن عَصَوْكَ لَقَوْا ما لَقِيَ قَوْمُ نوحٍ، واللهُ أعلمُ.

حديث مالك (١٠)، عن هشام بن عُرْوَة، عن أبيه؛ أنَّه قال: نزلت {عَبَسَ وَتَوَلَّى} (١١) في عبد الله بن أُمِّ مَكتُومِ، جاءَ إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، فجعلَ يقولُ: يا محمّد اسْتَدْنِني،


(١) في صحيحه الكتاب (٩٧)، الباب (٣٢) معلَّقًا، ووصله ابن حجر في تغليق التعليق: ٥/ ٣٥٣.
(٢) جـ: "الصلصلة".
(٣) الّذي في البخاريّ: " ... السموات شيئًا، فهذا فُرِّعَ عن قلوبهم وسكن الصّوتُ عَرَفوا أنّه الحقُّ ونادوا: {قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} "، أمّا لفظ المؤلِّف فورد نحوه في حديث ابن مسعود عند أبي داود (٤٧٣٨).
(٤) عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - كما في البخاريّ.
(٥) قوله "وسكن ذلك الأمر" ليست من البخاريّ.
(٦) أخرجه البخاريّ (٤٨٠٠).
(٧) أخرجه -مع اختلاف في الألفاظ- البخاريّ (١٥٣٦)، ومسلم (١١٨٠).
(٨) وهو المسمّى: "الجامع المُسْنَد الصّحيح المختصر من أمور رسول الله س وسُنَنهِ وأيامه" ويعني المؤلِّف بأوّل كتابه: كتاب بدء الوحي (١) باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - (١).
(٩) النِّساء: ١٦٣.
(١٠) في الموطّأ (٥٤٣) رواية يحيى. وانظر تعليق بشار عوّاد معروف.
(١١) عبس: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>