للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحُجَّةُ القاطعةُ عليهم: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} الآية (١)، وإنّما سمّوا "المانويّة" (٢)؛ لأنّ رَجُلًا يقال له: مَانِي، كان يدعو إلى اثنين، وزعموا أنّه نبيّهم، وكان (٣) في زمن الأَكاسرة، فقتله بعضهم.

ومنهم فرقة يقال لها: "المزْدَكِيَّة" (٤)، وذلك أنّهم زعموا أنّ الدُّنيا خَلَقَها اللهُ كلّها واحدة (٥)، وخلَقَ لها خَلْقَا واحدًا آدمُ (٦) عليه السّلام، وجعلَها له، يأكلُ (٧) مِنْ طعامها ويشربُ من شرابها ويتلذَّذُ بلذّاتها، فلمّا مات آدم جَعَلَها ميراثَا بين وَلَدِهِ بالسَّوِيَّةِ، ليس لأحدٍ فضل في مالٍ ولا أهلٍ، فمن قدرَ على ما في أيدي النّاس وتناول منه شيئًا (٨)، فهو له مباح سَائِغٌ، والفضل الزّائد في أيدي ذوي الفَضّل مُحَرَّمٌ عليهم، حتّى يصير (٩) بالسَّوِيَّةِ بالحالتين (١٠) الغناء والفقر. وهذا كلُّه كفرٌ وخروجٌ عن شريعةِ الدِّين. والحُجَّةُ القاطعةُ عليهم، قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (١١).

ومنهم "العَبْدَكيّة" زعَمُوا أنّ الدُّنيا كلّها حرامٌ محرّمة، لا يحلّ لأحد (١٢) منها إلَّا القُوت من حين ذهب أيِمّة العدل من الأرضِ، فلا تحلّ إلَّا بإمامِ عادلٍ، وإلاّ فهي (١٣) حرامٌ معاملةٌ أهلِهَا حرامٌ، والبيعُ والشِّراءُ حرامٌ، ومخالطةُ أهلِهَا حرامٌ، يحل لك أنّ تأخذَ القُوت من الحرام حيث كان، وإنّما سمُّوا العَبْدَكِيّهَ؛ لأنّ "عَبْدَك" هو الّذي وضع


(١) المؤمنون: ٩١.
(٢) وهم: Les manicheens"" انظر أخبارهم في الملل والنحل: ١/ ٦١٩.
(٣) غ، جـ: "وكانوا" والمثبت من التّنبيه.
(٤) وهم: " Les mazdakiens" انظر أخبارهم في الملل والنحل: ١/ ٦٣١.
(٥) في التّنبيه: "خَلْقًا واحدًا".
(٦) في التّنبيه: "وهو آدم".
(٧) جـ: "وجعل له الدنيا يأكل".
(٨) في التّنبيه: "وتناول نساءهم بسرقةٍ أو خيانة، أو مَكْرٍ، أو خلابة، أو بمعنى من المعاني".
(٩) غ، جـ: "يضربوا" والمثبت من التّنبيه.
(١٠) من هنا إلى ذكر الآية من إنشاء المؤلِّف، أمّا الوارد في التّنبيه فهو: "وإنّما سموا مزدكية؛ لأنّه ظهر في زمن الأكاسرة رَجُلٌ يقال له مزدك، فقال بهذه المقالة".
(١١) النِّساء: ٢٩.
(١٢) في التنبيه: "الأخذ".
(١٣) غ، جـ: "هي" والمثبت من التنبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>