للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الغريب حقا أن يقع في هذا الخطأ نفسه عالم من العلماء الّذين لهم اشتغال بهذا العلم، وكتبوا فيه كتابات جيدة، ونقصد الأستاذ محمد مصطفى الأعْظَمِيّ (١)، الَّذي قَلَّدَ محمد عبد الباقي وقال في تخريجه: "هذا الحديث ليس في الأصل [أي نُسخة ابن الطَّلَّاع] ولا في "ق" [أي مخطوطة صائب سنجر بأنقرة] وقد أضيفت من النُّسخة المطبوعة، ومن رواية أبي مصعب الزهري".

قلنا: وهكذا يُقْحِمُ الأعظميُّ ما ليس في رواية يحيى بحجَجٍ واهية، ظاهرة البطلان، فما قيمة النُّسخة المطبوعة وبين يديه نسخة ابن الطَّلاَّع الَّتي حقّقها [بالتعبير المعاصر] المحدِّث الثبت ابن رُشَيْد، وبين يديه أيضًا نسخة صائب سنجر الَّتي قرأ فيها أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني؟ هذا أمر منكر لا يرضاه أهل الحديث، بتعبير القاضي عياض (٢). وأيضًا ما دخل رواية أبي مصعب حتى يستعين بها في الاستدراك والتعقيب؟

نعود إلى ذكر ما أفسد به الأستاذ عبد الباقي موطّأ يحيى، فنقول: يصعُبُ على الباحث تتبُّع كلّ كتب وأبواب الموطّأ، فهذا أمرٌ يحتاج إلى تفرُّغٍ كاملٍ، مع توفير أغلب النُّسخ المعتبرة، والمقارنة بينها، وإبراز نسخة مُتْقَنَة من رواية يحيى كما سمعها ورواها عن الإمام مالك. ولكن حسبُنا في هذا المقام أن ننبِّه القرّاء والباحثين إلى ضرورة الاعتناء بهذا الموضوع، وسنقتصر على ذكر بعض


(١) في مُوَطَّأ الإمام مالك: ٣/ ٦٧٨ (١٧٢٧).
(٢) في ترتيب المدارك: ٢/ ٧٣ حيث تعَّقَب محمد بن وَضَّاح في تصَرُّفِه في رواية يحيى: "ولكن لم يكن ينبغي له أن يزيد في رواية الرجل، ولا يردّها إلى رواية غيره، ففي ذلك من الإحالة ما لا يرضاه أهل الحديث".

<<  <  ج: ص:  >  >>