للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشر، وجعلَ في النّبَاتِ العُشر، ومع التكاثر المؤنة (١) والتّعب نصف العُشر، ويترتّب على ذلك القول في حقيقة الصَّدقَةِ على قولين:

أحدهما: أنَّه جزءٌ من المال مُقَدَّرُ مُعَيَّنٌ، وبه قال مالكٌ والشّافعيّ وأحمد.

وقال (٢) أبو حنيفة: إنّها جزءٌ من المال مُقَدَّرٌ (٣)، فجوَّزَ إخراجَ القيمةِ في الزَّكاةِ، إذْ زَعمَ أنَّ التكليفَ والابتلاءَ إنّما هو في نَقْصِ الأموالِ، وذَهِلَ عن التّوفية (٤) بحقِّ التَّكليفِ في تعيين (٥) النّاقص، وأنّ ذلك يُوَازِي التَّكليف في قَدْر النّاقصِ، فإنَّ المالكَ يريد أنّ يَبْقَى ملكه بحَالِهِ ويُخْرِجُ من غَيْرِهِ عنه (٦)، فإذا مالت نَفْسُهُ إلى ذلك، وعلقت به *كان التكليفُ قطع تلك العلّاقة الّتي هي بين القلب وبين ذلك الجزء من المال فوجب إخراج ذلك الجزء بعينه* (٧).

ثمَّ قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية (٨)، عندنا أنّ هذه اللام من قوله "للفقراء" لام المحلِّ (٩)، وعند الشّافعيّ على أنّها لام الملك.

فإن قال الشّافعيّ: شخصٌ يصحّ منه الملك، فأضيف إليه بلام الملك، فَصَحَّ (١٠) منه الملك، كما لو قال: هذه الدّار لفلان.

قلنا: إنّما كان يصحُّ هذا لو كان هذا الملك غير مشغول بحَقِّ، كما أنّ الدَّار لو كانت لزيد فوهبها عمرو لرجل، لما صحّت منه الهِبَة؛ لأنّه وهبَ ما ليس له وليست ملكه، ألَّا ترى لو قال الله تعالى: أرموا هذه الزَّكاة في البحر، لكنا نمتثلُ قوله تعالى.


(١) غ: "مع التكلّف في الأموال".
(٢) "قال" زيادة من الأحكام.
(٣) انظر المبسوط: ٢/ ٢٠٣.
(٤) غ، جـ: "التوجيه" والمثبت من الأحكام.
(٥) غ، جـ: "غير" والمثبت من الأحكام.
(٦) "عنه" زيادة من المنتقى.
(٧) ما بين النجمتين زيادة من الأحكام لا يستقيم الكلام بدونها، ونرجّح أنّها سقطت من الأصل.
(٨) التوبة: ٦٠.
(٩) في الأحكام: "الأجل" وهي سديدة.
(١٠) غ: "يصحّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>