للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُكْتَةٌ (١):

والَّذي يدُلُّ على أنّ الجِزْيَةَ بَدَلٌ عن القَتْلِ لا عَنِ الدّار، أخذ عمر العُشرَ من أهل الذِّمة إذا تصرَّفوا بالتِّجارات عِوَضًا عن تَصَرُّفِهِم بَيْنَنَا وانتفاعهم بأموالنا، وإنّما قصدَ عمر إلى العُشر؛ لأنَّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - جعلَهُ غاية الزَّكاةِ، فقال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ" فجعلَه غاية الكِرَاءِ في الاقتداء.

المسألة السّادسة:

قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية (٢)، فجعلَ القَتْلَ عقوبة على الكُفْر وجَبْرًا على الإسلام.

وقوله (٣): "ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا" هذا (٤) يقتضي أنَّه قَدَّرها بهذا المقدار، وذلك (٥) لما رأى من الاجتهاد والنَّظَر للمسلمين واحتمال أحوال أهل (٦) الجِزْيَةِ.

واختلفَ النّاس في مقدار الجِزْيَة؟

فالّذي ذهب إليه مالك؛ أنّ قَدْرَها على أهل الذّهب أربعة دنانير، وعلى أهل الوَرِقِ أربعون دِرْهَمًا، لا يُزَادُ على ذلك.

فإن كان منهم من يضعف عن أدائها (٧) خُفِّفَ عنه بقَدْرِ ما يراه الإمام، هذا هو المذهب.

وقال ابنُ القاسم: لا ينقص من فَرْضِ عُمر ولا يُزَادُ عليه لِمُعْسِرٍ ولا لِغَنِيٍّ.

وقال ابنُ القصّار: أقلُّها دينار وعشرة دراهم (٨).

وقال الشّافعيّ: أقلُّها دينار، ولا يتقدَّر أكثرها؛ لأنّه إذا بَذَلَ الأغنياء دينارًا لم


(١) انظرها في القبس: ٢/ ٤٧٥.
(٢) التوبة: ٢٩.
(٣) أي قول أسلم مَوْلَى عمر بن الخطّاب في الموطَّأ (٧٥٧) رواية يحيى.
(٤) من هنا إلى قوله: "فثبت أنّه إجماع" مقتبس من المنتقى: ٢/ ١٧٣ - ١٧٤.
(٥) غ، جـ: "المقدار في ذلك" والمثبت من المنتقى.
(٦) "أهل" زيادة من المنتقى.
(٧) "عن أدائها" ساقطة من غ.
(٨) الّذي في المنتقى: "وقال القاضي أبو الحسن [ابن القصار]: لا حدّ لأقلِّها، قال: وقيل: أقلّها".

<<  <  ج: ص:  >  >>