للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثّانية (١):

قوله (٢): "صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ" قال بعضُ الظَّاهريّة (٣): قوله: "أَمَرَ بَصِيَامِهِ" يقتضي الوجوب من وجهين: من جهة فِعْلِهِ، ومن جهة أَمْرِهِ.

وقوله: "فَمَن شَاءَ أَفْطَره ومن شاءَ صَامَهُ" يريد أنَّه لاحقٌ بسائر الأيّام الّتي لم يمنع صومها ولا وجب، ولكنّه مستحَبٌّ، بدليل حديث معاوية (٤): "وأنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِر" وقال أشهب: صيامُ يوم عاشوراء مستحَبٌّ، لِمَا يُرْجَى من ثوابِ ذلك، وليس بواجِبٍ.

المسألة الثّالثة (٥):

قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "نحن أحقّ بمُوسَى منكم" (٦) قال علماؤنا: لم يكن ذلك (٧) باتباع اليهود والاقتداء بهم، ولكنّه أَوْحَى إليه في ذلك بِفِعْلِ مقتضاه (٨)، ولكن فيه الاقتداء بموسى -عليه السّلام- وموسى ممَّن أُمِرَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يَقْتَدِي به، لقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} الآية (٩).

وقال أبو الوليد الباجي (١٠): "يحتمل أنّ يكون النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - كان يصومه في الجاهلية، فلما بُعِثَ تَرَكَ ذلك. فلما هاجر وعَلِمَ أنّه من شريعةِ مُوسَى عليه السّلام صَامَهُ وأَمَرَ بصيامه، فلما فُرِضَ رمضان نسخ وجوبه".

المسألة الرّابعة:

قلنا: عاشوراء هو اليومُ العاشر.

وقال الشّافعي: التّاسع، بدليل قوله -عليه السّلام-: "لئن عشتُ لأَصُومنَّ


(١) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٥٨.
(٢) في حديث الموطّأ السابق ذِكرُهُ.
(٣) القائل بهذا هو الباجي، والظّاهر أنّ المؤلِّف لم يقصد بالظاهرية المعنى الاصطلاحي، وهم أصحاب المذهب المعروف، وإنّما قصد رأي الباجي في هذا الموضع والقائل بظاهر النَّصِّ.
(٤) الّذي رواه مالك في الموطّأ (٨٢٣) رواية يحيى.
(٥) انظرها في القبس: ٢/ ٥٠٨.
(٦) أخرجه البخاريّ (٢٠٠٤)، ومسلم (١١٣٠) من حديث ابن عبّاس.
(٧) "ذلك" زيادة من القبس.
(٨) في القبس: "ففعل بمقتضاه".
(٩) الأنعام: ٩٠.
(١٠) في المنتقى: ٢/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>