للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّبا، ولا يُلْحِق التمر والفهد والذِّئب بهذه (١)، وقد نبّه النَّبىّ - صلّى الله عليه وسلم - في هذا الحديث على العلّة وهي (٢) الفسق، ولم يتعرّض لعلّة الرِّبا في البُرِّ بتنبيه، ولكنّه فُهِمَ من ذِكْر الأعيان الأربعة التّنبيه على أمثالها، فهاهنا (٣) أَوْلَى، ولا وجه لقول من قال: إنَّ من يبتدىء الإذاية به خلاف من لا يبتدىء؛ *لأنّ من كانت الإذاية في طبعه، فواجب قتله ابتدأ أو لم يبتدىء* (٤) لوجود فسقه الّذي صرّح النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - به، ألَّا ترى أنّ الحربىَّ يُقتَلُ ابتداءًا بالقتال لاستعداده (٥) لذلك ووجود سببه فيه، ولا تعجب من أبي حنيفة في هذا، واعْجَبْ من بعض علمائنا حيث يقول: إنَّ صغار ما يُقْتَل، كبارُهُ من هذه الفواسق لا يُقْتَل؛ لأنّها لم تُؤْذِ بَعْدُ (٦)، وكيف تكون الإذابة جبلّته وينتظر به وجودها، وقد قتل الخضر الغلام ولم توجد بعد منه فتنة، فهذا أَوْلَى، وقد قال تعالى في الكفّار {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} (٧) فكيف في هذه الفواسق.

الفقه في ستة عشرة مسألة:

المسألة الأولى (٨):

قال علماؤنا في تفسير هذا الحديث (٩): إنَّ كلَّ ما يبتدىء بالضَّرَرِ غالبًا، فإنّ للمُحْرِمِ قتله ابتداءًا، ولا جزاءً عليه. إنَّ الخمس الدواب جامعة لأنواع ذلك وهي: الغراب والحِدَأَة والعقرب والفأرة (١٠) والكلب العقور، وكلّ ما يعدو ويفترس مثل الأسد والنّمر والفَهْد والذِّئب وغيرها يلحق بها، وقد ذكر مالك (١١) الفرق بين الطّير منها والكلب العقور.


(١) المقصود هم الأحناف، انظر كتاب الأصل: ٢/ ٤٤٥، ومختصر اختلاف العلّماء: ٢/ ١٢١.
(٢) في الأصل: " عن العلّة وهو" والمثبت من القبس.
(٣) في الأصل: "فهو" والمثبت من القبس.
(٤) ما بين النجمتين ساقط من الأصل، لاحتمال انتقال نظر الناسخ عند كلمة: "يبتدىء" وقد استدركنا النّقص من القبس.
(٥) "لاستعداده" ساقطة من الأصل وبيّض مكأنّها، واستدركناها من القبس.
(٦) انظر النّوادر والزيادات: ٢/ ٤٦٢، والمنتقى: ٢/ ٢٦٢.
(٧) نوح: ٢٧.
(٨) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٦٠ - ٢٦١.
(٩) الّذي في المنتقى: " والّذي ذهب إليه شيوخنا المالكيون من أهل العراق في تفسير هذا الحديث" انظر الإشراف: ١/ ٤٩١ (ط. ابن طاهر).
(١٠) "والفأرة" زيادة من المنتقى.
(١١) في الموطّأ (١٠٣٠، ١٠٣١) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>