للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن السُّدِّيّ (١) أنّه قال: "أهبط اللَّهُ آدمَ بالهندِ، وأنزلَ معه الحَجَرَ الأسودَ، وأنزل معه قَبْضَةً من ورَقِ الجنَّة، فنثرها آدمُ بالهند، فأنبتتْ شجرةَ الطِّيبِ، فأصلُ ما ترون (٢) من الطيب بالهند من ذلك الوَرَق" (٣).

وقال بعض علمائنا: إنّما قبض تلك القبضة آدم أسفًا حين أُخْرِجَ منها (٤)، والأحاديث في هذا الباب كثيرة المساق، وأمثلُها ما سردناه عليهم.

الأصول:

قوله: "الحَجَرُ الأسودُ يَمينُ اللهِ في الأرضِ، يُصَافِحُ به عبادَهُ" الحديث.

قال علماؤنا الأصوليّون: البارئ سبحانه يتقدّسُ عن الجارحة، واليمينُ ههنا بمعنى الحُجّة، معناه حجّة الله في الأرض، إذ رأى (٥) العلماء أنّ اليمين يُطلَق في اللّغة على ثمانية معانٍ: أحدها أنّ اليمين بمعنى الحُجَّة.

وقوله: "يصافح" معناه يثيبُ من لَمَسَهُ من أهل الإيمان على معنى التّعظيم لشعائر الله (٦).

وأمّا حديث علىّ أنّه قال: "فيه العمر مستودعًا" (٧) فلا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.


= بأصبهان: ٢/ ٣٦٦، وأخرج نحوه عبد الرّزاق (٨٩١٩) موقوفًا عن ابن عبّاس، وقد سئل عنه ابن تيمة في الفتاوى: ٦/ ٣٩٧ فقال: "رُوِيَ عن النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - بإسناد لا يثبت، والمشهور إنّما هو عن ابن عبَّاس" وانظر سلسلة الضّعيفة للألباني: ١/ ٢٥٧.
(١) في الأصل: "أنس" وهو تصحيف، والمثبت من الاستذكار والمصادر.
(٢) في الاستذكار وتاريخ مكّة: "ما يؤتى به".
(٣) أخرجه الفاكهي في أخبار مكّة: ١/ ٩٠، وأورده ابن كثير في تفسيره: ١/ ٨١ (ط. دار الفكر: ١٤٠١).
(٤) اعتبر هذا القول في المصدرين السابقين طرفًا من الحديث السَّابق.
(٥) في الأصل فراغ قَدْر كلمة، وبعدها: "أدل" أو "أول" ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(٦) يقول الخطّابي في معالم السُّنَن: ٢/ ٣٧٤ "والمعنى أنّ من صافحه في الأرض كان له عند الله عهده، فكان كالعهد تعقده الملوك بالمصافحة لمن يريد موالاته والاختصاص به ... فهذا كالتّمثيل بذلك والتّشبيه به، والله أعلم".
(٧) لعلّه يقصد حديث علىّ الّذي ذكره في العارضة: ٤/ ١٠٩ " ... إنَّ الله لما أخذ المواثيق علي بني آدم، وأشهدهم على أنفسهم: ألستُ بربكم؟ قالوا: بلى، كتب ذلك في كتاب وأودعه الحجر الأسود، فهو يشهد بما فيه" قال ابن العربي: "وليس له أصلٌ ولا فصلٌ، فلا تشتغلوا به لحظة".

<<  <  ج: ص:  >  >>