للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعضهم (١): يجزيهم قبلُ وبعدُ قياسًا على القِبْلَةِ، وأبو ثور وداود (٢) لا يجيزان الوقوف لا بعدُ ولا قبلُ.

وروى يحيى (٣)، عن ابن القاسم؛ قال: إذا أخطأ أهل الموسم، فكان وقوفُهم بعَرَفَةَ يوم النّحر، مَضَوْا على عملهم، وإنْ تَبَيَّنَ ذلك لهم وثبت ذلك عندهم في بقيَّة يومهم ذلك أو بعده، وينحرون من الغَد ويعملون باقي عمل الحجِّ، ولا يتركون الوقوف بعَرَفَة من أجل أنّه يوم النّحر، ولا ينقصون من رَمْي الجمار الثّلاثة الأيّام بعد (٤) يوم النّحر، ويجعلون يوم النّحر للغد بعد وقوفهِم، ويكون حالُهم في شأنّهم (٥) كلِّه كحال من لم يخطئ.

قال (٦): فإذا أخطأوا فَقَدَّموا الوقوف بعَرَفَة يوم التّروية، أعادوا الوقوف من الغَدِ من يوم عرفة بعينه (٧)، ولم يجزهم الوقوف يوم التّروية، وبه قال سحنون.

واختلف (٨) قولُ ابن القاسم فيمن وقف يوم التّروية، وكذلك قال يحيى بن عمر (٩): اختلف قول سحنون أيضًا فيها.

قالِ القاضي - رضي الله عنه - (١٠): إنّما هذا في جماعة أهل الموسم وأهل البلد يَغْلَطون في الهلال، وأمّا المنفردُ فلا مدخلَ له في هذا الباب، وإذا أخطأ المنفردُ في


(١) اجتهد المؤلِّف -والله أعلم- في اختصار هذه الأقوال، فحصل نوع من التّداخل الّذي اضطربت معه نسبة الأقوال إلى أصحابها، ولذا رَأَيْنَا من المستحسن إئبات نصّ ابن عبد البرّ كما في الاستذكار: ١٣/ ٤٢ "والثّالث: أنّه لا يجزيهم الوقوفُ قبلُ ولا بعدُ. ورُوِيَ عن عطاء والحسن أنّه يجزيهم قبلُ وبعدُ، وبه قال أبو حنيفة. واختلف أصحابَ الشّافعيّ، فبعضهم قال: يجزيهم بعدُ ولا يجزيهم قبلُ، قياسًا على الأسير تلتبس عليه الشّهور فيصوم رمضان، فيجزيه بعدُ ولا يجزيه قبلُ، وهو قول مالك. وقال بعضُ أصحاب الشّافعيّ: يجزيهم قبلُ ... ".
(٢) في الأصل: "وأبو داود" والمثبت من الاستذكار.
(٣) في سماعه من ابن القاسم من كتاب الصّلاة في العتبيّة، عن البيان والتحصيل: ٤/ ٥٤.
(٤) في العتبية: "إلّا بعد".
(٥) في الأصل: "شأنّه" وفي الاستذكار: "ميقاتهم"، والمثبت من العتبية.
(٦) القائل هنا هو ابن القاسم.
(٧) في الاستذكار والعتبيّة: "نفسه".
(٨) القائل هنا هو سحنون كما في الاستذكار.
(٩) هو أبو زكريا الكناني، من كبار فقهاء المالكية، ولد بالأندلس، وتوفي في تونس سنة ٢٨٩ هـ. انظر ترتيب المدارك: ٤/ ٣٥٧، وجمهرة تراجم فقهاء المالكية لقاسم سعد: ٣/ ١٣٥٦.
(١٠) الكلام موصول لابن عبد البرّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>