للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا تحقيق الموعد فقال - صلّى الله عليه وسلم -: "زُوِيت لِي الأَرْضُ، فَرَأَيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ... " الحديث (١)، ولا سبيلَ لعموم الملك إِلَّا طريقُ الجهاد.

وقال - صلّى الله عليه وسلم -: " لَا يَزَالُ أَهْلُ الغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفهُم إِلَى أنّ تَقُومَ السَّاعةُ" (٢).

واختلفَ النّاسُ في هذا الحديث، فقال قومٌ: هم أهلُ المغربِ (٣).

وقال قوم؛ منهم عليّ بن المديني (٤): هم العرب (٥).

وقال قوم: هم المخصوصون بالجهاد، المثابرون عليه، الذين لا يَضَعُون أسلحتهم، فهم أبدًا في غَزوٍ وفي غَرْبٍ، وهي: الحِدَّة - خرّجه مسلم (٦) -، وهذا يكون بجَوْبِ


= من حديث أخرجه أحمد: ٢/ ٥٠، ٩٢ [وصحح إسناده أحمد شاكر: ٥١١٤، ٥١١٥، ٥٦٦٧] وابن أبي شيبة: ٥/ ٣١٣، وعبد بن حميد (٨٤٨)، وابن الأعرابي في معجمه (١١٣٧) والطبراني في مسند الشاميين: ١/ ١٣٥ - ١٣٦، والهروي في ذم الكلام (٤٧٦)، وابن حجر في تغليق التعليق: ٣/ ٤٤٥، كلهم عن عبد الله بن عمر، والحديث وان كان في سنده ضعف إِلَّا أنّه يتقوى بمجموع طرقه وشواهده، عن أنس، وأبي هريرة.
(١) أخرجه مسلم (٢٨٨٩) بلفظ: "إنَّ الله زَوّى لي الأرض ... ".
(٢) أخرجه مسلم (١٩٢٥) عن سعد بن أبي وقّاص.
(٣) يقول الإمام أبو بكر الطرطوشي في الرسالة الّتي بعث بها إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين مع القاضي أبي بكر بن العربي: "روى مسلم في كتابه الصّحيح، نقل العدل عن العدل عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لا تزال طائفة من أهل المغرب ظاهرين على الحقِّ، حتّى يأتي أمر الله" والله أعلم هل أرادكم رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - معشر المرابطين، أو أراد بذلك جملة المغرب وما هم عليه من التّمسُك بالسُّنَّة والجماعة، وطهارتهم من البدع والإحداث في الدِّين، والاقتفاء بأثار السَّلَفِ الصالح -رضي الله عنهم-". مخطوط مفاخر البربر، محفوظ بالخزانة العامّة بالرباط [ك ١٢٧٥]، لوحة ٣٥/ أ. وقد أشار إلى هذه الرسالة وتأويل الطرطوشي لها الإمام القرطبي في المفهم: ٣/ ٧٦٤.
(٤) ذكر ذلك عنه يعقوب بن شيبة، كما نصّ عليه الحافظ في فتح الباري: ١٣/ ٢٩٥.
(٥) واستدل ابن المديني بمن فَسَّرَ الغرب بالدَّلوِ العظيمة، وذلك لأنّ العرب هم أصحابها لا يستقي بها أحدٌ غيرهم. انظر إكمال المعلم: ٦/ ٣٤٨، والمفهم للقرطبي: ٣/ ٧٦٣، وفتح الباري: ١٣/ ٢٩٥.
(٦) سبقت الإشارة إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>