للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفذهم لقتله، فقَتَلَهُ عبد الله بن عتيك، ونهيُهُ هذا أصلٌ فى المنع من ذلك، وسَيَرِدُ مفَسَّرًا.

وقوله (١): "فَأَذْكُرُ نَهْيَ رَسُولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - وسلم فَأكُفُّ عَنْهَا. وَلَوْلَا ذَلِكَ استَرَحْنَا مِنهَا". يعني امرأة ابن أبي الحقيق، وهذا يدلُّ على التّعلّق بالعموم؛ لأنّه أجرى نهي رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - على عمومه فى سائر الحالات، ولم يَقصِرْه على القصد إلى ذلك دون حاجة إليه، والذي يظهر من مذهب مالك أنّه لا تقتل المرأة إذا جرى منها مثل هذا الإنذار بالصّياح (٢)، وقد قال سحنون: لا تقتل في الحراسة المرأة (٣).

ووجهه: أنّ الحراسة على الأمن، وليست من باب المدافعة، وهو ممّا يمكن النِّساء والصِّبيان فعله، كالنّظر والمراعاة. ولا يستباح قتل هذين الصِّنفين بما جرت العادة لهم بفعله، وانّما يستباح قتلهم بالقتال والمدافعة اللّتين ينفرد بهما الرِّجال غالبًا.

المسألة الثّانية (٤):

قوله (٥):"رَأَى في بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً، فَأنكَرَ ذَلِكَ" يحتمل أنّ يكون علم من حال المرأة أنّها لم تقاتل.

ويحتمل أنّ يكون حمل أمرها على المعهود من أمر النِّساء اللّاتي لا يقاتلن.

وقد رَوَى ربَاحُ بن الرّبيع قال: كنّا مع رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في غزوةٍ، فرأى النَّاس مجتمعين على شيءٍ، فبعث رجلًا فقال: انظر على ما اجتمع هؤلاء؟ فجاء فقال: امراةٌ مقتولةٌ! فقال - صلّى الله عليه وسلم -: "ما كانت هذه لتُقاتِل"، قال: وعلى المقدّمة خالد بن الوليد، فبعث


(١) في الحديث السابق.
(٢) نقل القرافي في الذخيرة: ٣/ ٣٩٩ عن المازري أنّه قال: " ظاهرُ المذهب أنّ إنذار [في الأصل: إغزاء] المرأة بالصياح لا يبيح قتلها, ولا حراستها العدوّ".
(٣) أورده ابن أبي زيد في النّوادر والزيادات: ٥٩.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٦٦.
(٥) أي قول نافع في الموطَّأ (١٢٩١) رواية يحيي، ورواه أبو مصعب موصولًا عن مالك كما في مسند الموطَّأ للجوهري (٦٧٦)، والتمهبد: ١٦/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>