للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للفارس ثلاثة أَسْهُم، وللرَّاجل سَهْمٌ؛ لأنَّه إذا كان للفرس سهمان، وللرَّاجل الذى يركبه سهمٌّ كالرّاجل المُنفَرد، فإنّه يكون للفارِسِ ثلاثة أسهم، وبه قال الشّافعيّ (١).

وقال أبو حنيفة (٢): للفرس سَهْمٌ، ولفارسه سَهْمٌ، فللفارس سهمان وللراجل سهمٌ.

ودليلنا: ما رواه أبو داود، عن ابن حنبل، عن ابن عمر (٣) , أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - أَسْهَمَ للرَّجُلِ وَلفرسه ثلاثة أسْهُمٍ، سَهْمٌ له وسَهْمَانِ لفَرَسِهِ (٤).

ومن جهة المعنى: ما ذكره الأبهري أنّ الفرس لمّا كان قُوتُه أكثر من قُوتِ فارسه، وغناؤُه أكثر من غناء الفارس، زيد في القسم من أجل ذلك.

وأمّا "الفرس المريض" فاختلف أصحابنا فيه، هل يُسْهَم له أم لا؟ فقال مالك: يُسْهَمُ له (٥).

وقال أشهَب وابنُ نافع: لا يُسْهَم له (٦).

ووجه القول الأوّل: أنّه على حالٍ يُزجَى بُرْؤُهُ وُيتَرَقَّب الانتفاع به، كالَّذي يصيبه القيء الخفيف.

ووجه القول الثّاني: أته لا يمكن القتال عليه الآن، فأشبه الكَسِير.


(١) انظر الأم: ٨/ ٤١٦ - ٤١٧، ومختصر الخلافيات: ٤/ ٥٩.
(٢) انظر: مختصر الطحاوي: ٢٨٥، ومختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٤٣٧ - ٤٤١.
(٣) لا ندري إنَّ كان المؤلِّف اختصر رجال إسناد الحديث، أم سقطت بعض الأسماء نتيجة انتقال نظر بعض النّساخ، وانظر السند الكامل في تعليقنا التالي.
(٤) أخرجه أبو داود (٢٧٢٧) عن أحمد بن حنبل، عن أبي معاوية، عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، ومن طريقه ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١٤/ ١٦٩، والحديث من طريق سُلَيْم بن أخضر عن عبيد الله بن عمر، أخرجه: عبد الرزّاق (٩٣٢٠) وابن أبي شيبة ١٢/ ٣٩٦، وأحمد: ٢/ ٢، والدارمي (٢٤٧٥)، والبخاري (٢٨٦٥)، ومسلم (١٧٦٢).
(٥) قال ابن القاسم في المدونة: ١/ ٣٩٤ "وبلغنى عن مالك أنّه قال فى الفرس إذا رُهِصَ [أي أصيبَ باطن حَافِرِه. بشيءٍ يوهِنُهُ]، أنّه يضرب له بسهم، وهو بمنزلة الرَّجل المريض"، كما رواه ابن سحنون في كتابه، نصَّ على ذلك ابن أبي زيد في نوادره: ١٩٦. وانظر الانجاد: ٢٩٢.
(٦) أورده ابن أبي زيد في النوادر: ١٩٧ نقلًا عن كتاب ابن سحنون على أنّه روايتهما عن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>