للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال ابن القاسم (١) في "الموازية": ما احتاج إليه في السَّرِيَّةِ من ثوب يلبسُه أو دابَّةٍ يركبُها، أو يحمل عليها عَلَفًا أو ثقلًا، فإن له ذلك كلّه، وإذا بلغ العسكر واستغنى عنه، جعله في المقاسم.

وروى ابن وهب وابنُ زياد عن مالك في "المدوّنة" (٢): أنّه لا يُنْتَفَعُ بدابّةٍ ولا سلاحٍ ولا ثوبٍ (٣).

المسألة السّابعة (٤):

قوله (٥): "لَتَشتَعِلُ عَلَيهِ نَارًا" يدلُّ على أنَّ مِن المُؤمنين من يُعاقَبُ بالمعاصي ممَّن شاءَ الله تعالى أنّ يعاقِبَهُ، إِلَا أنّ الإيمان يعود عليه بعد عذابه بالجنّة.

وقوله - صلّى الله عليه وسلم (٦): " شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ من نَارٍ" يقتضي: أنّ من غلَّ مثل هذا فإنّه يعاقَبُ بمثله من النّار، ويَحْتَمل أنّ يكون الشِّراكُ والشِّراكان لهما القيمة، فمثل هذا لا يحلُّ أخذه على رواية ابن وهب؛ لأنّه ليس بطعامٍ، ويجوزُ أَخذُهُ على روايةِ ابنِ القاسِمِ للحاجةِ إليه وعَدَمِ وجود الشِّراك, لأنّه يلزم ردّه عند إلاستغناء عنه.


= إليه في وقت أخذه، وانَما أخذه على الادِّخار والتموّل، وأمّا إذا احتاج إليه فجانز له أخذُه، والله أعلم".
(١) أورده ابن أبي زيد في النوادر: ٢٥٦ نقلًا عن الموازية، ونحوه في المدوّنة: ١/ ٣٩٦.
(٢) ١/ ٣٩٦ وعنها ابن أبي زيد في النوادر:٢٥٩، ورأى الدّاودّي فى الأموال: ١٢١ أنّ هذا القول هو الأصحّ والأنزه للجهاد.
(٣) يقول أبو عبيدة الجبيري في التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل الّتي اختلف فيها من مسائل المدوّنة: الورقة ١٦ - ١٧ "معنى قول مالك في منع المغازي من الانتفاع من ركوب الدّابة ولباس الثّوب وما جرى مجراهما، إذا كان غنيًا عن ذلك ولم يكن به افتقار إليه؛ لأنّ أهل الجيش شركاء في الغنيمة، فلا يجوز لواحد منهم أنّ يستبدّ منها بمنفعة تؤدي استدامتها إلى امتهان قيمة المنتفع به دون من يشركه فيها. فهذا ما افتقر إلى ركوب دابّة في الغنيمة لمرض نزل به، أو إلى لباس شرب منها لافتقار منه إليه، فهو في حكم ما عُفي عنه من الطّعام والعلّف لحاجة النَّاس إلى ذلك".
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٠٣ - ٢٠٤.
(٥) في حديث الموطَّأ السابق ذكره.
(٦) في حديث الموطَّأ السابق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>