للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية (١).

وقال النّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "أبو بكر في الجنّة، عمر في الجنَّة، حتّى عدّ العشرة" (٢).

وقال (٣) عليه السّلام أيضًا وهو على أُحُدٍ ومعه أبو بكر وعمر وعثمان: "اثبُت أُحُدُ فإنَّما عليك نبىُّ وصدِّيقٌ وشَهيدَان" (٤).

وقال أيضًا حين استأذنوا عليه: "ائذَنْ لهم وبشّرهم بالجنَّة" (٥)، وما ينطق عن الهوى.

قال بعض المتأخِّرين: هذا الكلام فيه نظر؛ لأنّ النّسخ لا يدخل في الأخبار، وإنّما يدخل في الأحكام والشرائع (٦)، والله أعلم.

الفقه في مسألتين:

المسألة الأولى (٧):

قولُه لشهداء أُحُد: "أَشْهَدُ عَلَيْهمْ" يحتمل أنّ يشهد على ظاهرهم لما رأى من الإيمان والعبادة والجهاد إلى أنّ قُتِلوا في ذلك، وغيرهم ممّن يأتي بعد ذلك لا يعلم ما يُحْدِثُونَ بعدَهُ.

ويحتمل أنّ يكون شهِدَ على ظاهرهم لما رأى على باطنهم ممّا علم بالوحي؛ لأنّه لوكان فيهم منافق لم ينتفع بهذه الشّهادة، ولم ينجه من النّار قتالُهُ بين يديه، كما لم ينتفع بذلك قزمان الّذي قاتل في سبيل الله ثمّ قتل نفسه (٨)، فعلى هذا لم يشهد لمن بَقِيَ


(١) النور: ٥٥، وانظر أسباب النزول للواحدي: ٣٤١.
(٢) أخرجه أحمد في المسند: ١/ ١٩٣، وفي فضائل الصّحابة (٢٧٨)، والترمذي (٣٧٤٧)، وأبو يعلى (٨٣٥)، وابن حبّان (٧٠٠٢)، والبغوي (٣٩٢٥ - ٣٩٢٦) من حديث عبد الرّحمن بن عوف.
(٣) الفقرتان التاليتان اقتبسهما المؤلّف من تفسير الموطَّأ للبوني: ٦٩/ أ.
(٤) أخرجه البخاريّ (٣٦٧٥) من حديث أنس.
(٥) يشير إلى حديث البخاريّ (٣٦٧٤)، ومسلم (٢٤٠٣) من حديث أبي موسى الأشعري.
(٦) الكلام هنا على الآبة التّاسعة من سورة الاحقاف الّتي قرَّرَ المؤلِّف سابقًا أنّها منسوخة، ومن العلماء الدَّين قالوا بعدم النّسخ النَّحاس في الناسخ والمنسوخ: ٢١٩ قال - رحمه الله -: "محال أنّ يكون فيها ناسخ ولا منسوخ من جهتين: أحدهما: أنّه خبر. والآخر: أنّه من أوّل السورة إلى هذا الموضع خطاب للمشركين واحتجاج عليهم وتوبيخ لهم ... ومحال أنّ يقول للمشركين: ما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة".
(٧) هذه المسألة اقتبسها المؤلَّفُ من المنتقى: ٣/ ٢٠٧ بتصرُّف يسير.
(٨) الّذي في المنتقى: "كما لم ينتفع بذلك قزمان حيث أُعْلِمَ النّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم - بباطنه وأنّه من أهل النّار =

<<  <  ج: ص:  >  >>