للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدةُ الثّالثة (١):

قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا عَلَى الأَرْضِ بُقْعَةٌ أحبّ إِلىَّ أنّ يَكُونَ قَبْرِي بِهَا" ظاهرُهُ يقتضي تفضيل المدينة على ما سواها, ولذلك أَحَبَّ أْن يكون قبره بها دون مكّة (٢).

وقد قيل: إنَّ ذلك معنى الهجرة، وليس ببيّن (٣)؛ لأنّه لو كان كذلك لم يعلّق الحُكم بالبقعة ولعلَّقَهُ بالهجرة، وهذا في حال الإخبار، وليس فيه دليلٌ على أنّ يكون فضّل أنّ يكون قبره بالمدينة على القتل في سبيل الله (٤)، لا على بقعة لا يقبر فيها.

[باب ما تكون فيه الشهادة]

الحديث مرسل.

وفيه خمس فوائد:

الفائدةُ الأولى (٥):

قول عمر بن الخطّاب (٦): "اللهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ شَهَادَةً في سَبِيلِكَ. وَوَفاةً بِبَلَدِ رَسُولِكَ" وهذا أيضًا يقتضي تفضيل المدينة على سائر البُقَعِ مكّة وغيرها, ولو كانت عنده مكّة أفضل لتمنّى أنّ يُقْتَلَ بها مسافرًا أو حاجَّا, ولا يكون ذلك نقضًا لهجرته، وقد


(١) اقتبس المؤلِّف هذه الفائدةُ من المنتقى: ٣/ ٢٠٩.
(٢) وهو الّذي اختاره القنازعي في تفسير الموطَّأ: الورقة ٢١٩.
(٣) في المتتقى: "قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه: وليس عندي بالبيِّن ... ".
(٤) يقول البوني في تفسير الموطَّأ: ٦٩/ ب "ويحتمل أنّ يريد أنّ يحبّ الدفن بها مع القتل في سبيل الله، وكذلك دعا عمر رضي الله عنه فقال: اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُكَ شهادة في سبيلك، ووفاة في بلد رسولك، فاُجيبت دعوتُه".
(٥) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٠٩.
(٦) في الموطَّأ (١٣٣١) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٩٣٤)، بسند منقطع؛ لأنّ زيد بن أسلم لم يدرك عمر بن الخطّاب، وقد وصله البخاريّ (١٨٩٠)، إذ رواه عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر. قال شيخ شيوخنا محمّد الطّاهر بن عاشور في كشف المُغَطَّى: ٢٢٣ "إخراج هذا الأثر في هذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>