للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكاح؛ كالصّبيّ والمجنون، ولذلك كانت عائشةُ تَخطِبُ وتُقَدَّرُ الْمَهْرَ، ثُمَّ تَقُولُ: "اعقِدُوا؛ فَإنَّ النِّسَاءَ لَا يَعْقِدْنَ" (١).

المسألةُ الثّانيةُ (٢):

قال علماؤنا: وليسَ من شرْطِ الوَلِيِّ أنّ يكونَ عَدْلًا، خلافًا للشّافعيّ (٣)؛ لأنّ الولاية عِمادُها الشَّفَقَةُ والحَميَّةُ على النَّسَبِ والأَنَفَةُ، والفِسْقُ لا يؤثِّرُ في ذلك.

ورأَى الشّافعيُّ أنّ ولايةَ النِّكاح خُطَّةٌ ومَنْزِلَةٌ كريمةٌ، والمراتبُ لا يَنزِلُها الفُسَّاقُ. وقال علماؤُنا: من شَرْطِ الوَليِّ أنّ يكونَ حُرًّا بالغًا عاقلًا مسلمًا، وليس من شَرْطِه أنّ يكون عدلًا كما قدَّمناهُ.

المسألةُ الثّالثةُ (٤):

اختلفَ علماؤُنا هل يكون الكافرُ وليًّا في نكاحٍ فيه مسلمٌ؟ أو مسلمٌ في نكاحٍ فيه كافرٌ؟ على تفصيلٍ يأتي بيانُه إنَّ شاءَ الله.

والصّحيحُ أنّه لا يدخلُ المسلمُ في نكاحٍ فيه كُفْرٌ، ولا الكافرُ في نكاحٍ فيه إسْلَامٌ، إلَّا إِنْكَاحَ السيّدِ لعَبْدِهِ الكافرِ من طريق المِلْكِ، بخلاف طريق الولَاية؛ فإنّ الله أَثبتَ المِلْكَ مع الكفرِ، ولم يُثبِتِ الولايةَ معه؛ بل نَفَاهَا بعَدَمِ الهجرةِ، فقال: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية (٥).

المسألةُ الرّابعةُ: (٦) في صفةِ استئذانِ البِكْرِ في إنكاحها

وهو أنّ يقولَ لها السَّامعانِ منها: إنَّ فلانًا خَطَبَك على صَدَاقِ كذا، المعجَّل منه كذا، والمؤجَّل منه كذا وكذا إلى أجلِ كذا، والتزَمَ لكِ من الشُّروطِ كذا وكذا، وعقَدَ


(١) ذكره ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٩/ ٨٥، وأخرجه بنحوه: الشّافعيّ في مسنده: ٢/ ٧٩١، ومن طريقه البيهقي: ٧/ ١١٢. وفي سند الحديث مقال: انظر الدراية: ٢/ ٦٠، ونصب الراية: ٣/ ١٨٦.
(٢) انظرها في القبس: ٢/ ٦٩٠.
(٣) في مختصر المزني (الحاوي الكبير: ٩/ ٦١).
(٤) انظرها في القبس: ٢/ ٢٩٠.
(٥) الأنفال: ٧٢، وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٨٨٨.
(٦) هذه المسألة مقتبسة من تفسير الموطَّأ للقنازعي: الورقة ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>