للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (١)، وقال: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} (٢)، وقال: {اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} (٣)، في أزواجِ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، فرَدَّد الله الصّداقَ بين النِّحْلة المُبتَدَأَةِ الّتي لا يقابِلُها عِوَضٌ وإنّما وَجَبَتْ على الزَّوجِ بفضيلَةِ القِوَامِيَّةِ، وبمنزلة الذّكورية، وبين الأُجْرَةِ والعِوَضِيَّة.

وفي هذا ردٌّ على مَنْ أنكرَ من الفقهاءِ تعارُضَ الأدِلَّةِ، وتَرَدُّدَ الفرعِ بين الأَصلَينِ، وحُكمُهُ إذا تردَّدَ بينهما، أنّ يُوَفَّرَ على كلِّ واحدٍ شَبَهُهُ، وُيرَكَّبَ عليه حُكمُهُ، وهو أصعبُ مسائل النَّظَر، ولذلك قال مالك (٤) - رحمه الله - تارةً: النّكاحُ أشْبَهُ شيءٍ بالبيوعِ (٥)، وتارةً جَرَّدَهُ عنها، وعزَلَ حُكمَهُ عنها.

المسألةُ الثّانيةُ:

اختلفَ العلّماءُ في الصَّدَاقِ هل هو حقٌّ للهِ أو حقٌّ للآدمي؟ ومذهَبُنَا: أنّه حقٌّ لله وللآدَمِيِّ، فأمّا حق الله تعالى فيه، فهو أنّ المتعاقدين لو اتَّفَقَا على عَقدِ النِّكاحِ من غيرِ صداقٍ لم يَجُز. وأمّا حقّ الآدميِّ فإنّه إذا ترك بعد العَقدِ فإنّه يجوز.

فإن قيل: إنّه حقّ لله تعالى.

قلنا: هذا الكلام يجوزُ بالتّسمية حقًّا بالابتداء؛ لأنّ الابتداءَ حاصلٌ وخالصٌ لله تعالى.


(١) النِّساء: ٤، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٣١٦.
(٢) النِّساء: ٢٤، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٣٨٩.
(٣) الأحزاب: ٥٠، وانظر أحكام القرآن: ٣/ ١٥٥٢.
(٤) في المدوّنة: ٢/ ٢٠٠ في نكاح الأمّ وابنتها في عقدة واحدة.
(٥) وذلك لما فيه من أحكام البيوع، وهو وجوبُ العِوَضِ وتعريفه وإبقاؤُه وردُّه بالعَيْبِ والقيام فيه بالشُّفعةِ، إلى غير ذلك من أحكامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>