للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - المسألةُ الخامسةُ (١):

وقوله - صلّى الله عليه وسلم - (٢): "هَلْ مَعَكَ شَيءٌ" دليل على أنّ النِّكاحَ لا يجوزُ بغيرِ صَدَاقٍ.

وقولُ الرَّجُل: "ما عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي" إظهارٌ لفَقْرِه.

وقولُه: "إنَّ أَعْطَيتَهَا إيَّاهُ جَلسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ" يقتضي معنيَيْن:

أحدهما: أنّه لا يصِحُّ أنّ يُصْدِقَها إيَّاهُ، إِلَّا بأن يمكنه تسليم الإزار إليها.

والثّاني: أنّه لا يجوزُ تسليمه إليها؛ لأنّ ذلك يؤدِّي إلى البقاء على حالةٍ لا تجوز من كشف العورة، ولذلك لا يباعُ هذا من الثّياب في دَينٍ ولا يُقْضَى به حقٌ (٣).

٦ - المسألةُ السّادسةُ:

قولُ الرّجُلِ (٤): "مَا أَجِدُ شَيئًا" وإن كانت لفظة "شَيْءٍ" تقع على القليلِ والكثيرِ ممّا يَصِحُّ أنّ يُمْهَرَ، ومما لا يصحُّ أنّ يُمْهَرَ، إِلَّا أنّه مستندٌ إلى قولهِ: "هَل عِنْدَكَ من شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إيّاهُ" فكأنّه قال: التمِسْ شيئًا ممَّا يمكن أنّ يكونَ مَهرًا، فلم يجد، وهو متعلِّقُ الشّافعيّ أنّه يجوز النّكاح بالقليلِ والكثيرِ، وقد حقَّقنا ذلك كلّه في أَوَّلِ البابِ (٥).

حديث عُمَرَ بن الخَطَّاب (٦): "أيُّمَا رَجُل تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ، أَو جُذامٌ، أَوْ برَصٌ، فَمَسَّهَا، فَلَهَا صَدَاقُهَا".


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٧٦.
(٢) في حديث الموطَّأ (١٤٩٤) رواية يحيى.
(٣) جاء في هامش "جـ" ما يلي: "فإن قيل: بقي من التقسيم من يقسم الأزار فيحبس هو نصفه وتأخذ هي نصفه، فالجواب: أنّ ذلك ممنوع، فإنّه يؤدِّي إلى كشف العورة، وفيه أيضًا دليلٌ لا يكون الصّداق إِلَّا نقدًا أو بعضه".
(٤) في حديث الموطَّأ السابق ذِكْرُهُ.
(٥) في ختام الكلام على هذا الحديث إليك أيها القارئ الكريم بعض اللطائف المستفادة من الحديث ننقلها من تفسير الموطَّأ للبوني: ٨٢/أ، يقول - رحمه الله -: "وفي هذا الحديث ما كان -عليه السّلام- من الحياء ومكارم الأخلاق؛ لأنّه لم يقبلها وسكت حياءَ. وفيه أنّ المسؤول ليس عليه أنّ يجبب السائل في كلِّ ما سأَلَة. وفيه أنّ النّبيّ -عليه السّلام- ربما كان لا يجد ما يتجوّد به في بعض الأحيان".
(٦) في الموطَّأ (١٤٩٩) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٤٧٨)، وسويد (٣١٩)، والشّافعيّ، وابن بكير، عند البيهقي: ٧/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>