للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مسألة من أصولِ الفقهِ قد قدَّمنَاهَا؛ وهي: إذا تَعارَضَ نصٌّ وظاهِرٌ، بِمَ يُقْضَى منهما؟ وأحكامُه مختلِفَةٌ، والأدِلَّةُ مُتَبَايِنَةٌ، وقد بيَّنَّاهَا في "المسائل".

الفقه في ثلاث مسائل:

الأولى (١):

قوله (٢): "إذا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ فقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ" يريدُ: إذا خَلَيَا وانفَرَدَا، وهذا اللَّفظ يَقتَضِي أنّ بالخَلْوَة يجبُ على الزَّوج إكمال الصَّدَاقِ وإن لم يكن المَسِيس، غير أنّ معناه عند مالك (٣): الخَلوَة لا غير؛ لأنّ (٤) الخَلْوَة عنده سبيلٌ للالتذاذ بالزّوجة، والتَّمتُّعِ بها بالوَطءِ، والنَّظَرِ إلى محاسِنِهَا.

المسألةُ الثّانيةُ (٥):

فإن أقرَّ بالخَلوَةِ، أو قامت بِهَا بيِّنَةٌ، فالحُكمُ بما قدَّمناهُ، وإن لم تكن بيّنةٌ ولا إقرارٌ، فقد روى ابنُ حبيبٍ عن مالك أنّ اليمين على الزَّوجِ في دَعْوَى المَسِيس (٦). وقد كان ابنُ القاسِم يقول: إذا ادَّعت المرأةُ المَسِيسَ في أهلها، وقد عُرِفَ اختلافُه إليها أو لم يُعْرَف، لَزِمته اليمينُ في الأمرين، فإن حَلَفَ بَرِيءَ، وإن نَكَلَ غَرِمَ جميع الصَّداقِ.

ووجه ذلك: أنّ الأصلَ في استصحاب حالِ العقل عدم ما يشهد لها ويجعل قولها الأظهر (٧).


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٩٢.
(٢) أي قول معيد بن المسيِّب في الموطَّأ (١٥٠٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٤٨٦)، وسويد (٣٢٠).
(٣) فيما روى محمَّد عن ابن وهب، كما نصّ على ذلك الباجي.
(٤) الكلام التالي من إنشاء المؤلِّف -رحمة الله عليه-.
(٥) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٩٣.
(٦) وذلك إنَّ أنكر الزّوج الخَلوَة، وادعت ذلك الزّوجة.
(٧) وفي هذه الحالة فإنّ القولَ قولُه، فإن حَلَفَ بَرِيءَ، وإن نكَلَ فعليه الصَّدَّاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>