كتاب المسالك في شرح موطأ مالك

الفقه في ثمان مسائل:

المسألة الأولى: في صفة المُحْصن (١)

فإن من صِفَتِهِ أنّ يكونَ بَالِغًا حُرًّا، مُسْلِمًا، يَصِحُّ منه الجِمَاعُ.

فأمّا شرطُ البلوغِ، فالدّليلُ عليه، قوله: "رُفِعَ القَلم عَنْ ثَلَاثٍ" (٢) وذَكَرَ الصّبيّ والمجنون.

وقد اختلف العلّماءُ في العَقلِ، فأمّا الصّغير فإنّه يكون مُحْصَنًا بجماعةٍ.

وأمّا أعتبار الحُرِيَّة، فالدّليل عليه عموم الآية، وما قدّمناه من الحديث قبلَهُ.

الثّانية:

أنّ يكونَ النِّكاحُ والوَطْءُ صحيحين، مثل أنّ يَطَأها وهي حائضٌ أو مُحْرِمة، فعندنا أنَّ إجماعَ الأُمَّةِ على أنّ العَقْدَ لا يقعُ به الإحصان، هذا إذا كان النِّكاحُ صحيحًا, ولا يكون نكاح شُبْهَةٍ، فهذا وَطِئَهَا في الحَيضِ وكان النِّكاح صحيحًا، فعندنا أنّه لا يقعُ به الإحصانُ، خلافًا لأبي حنيفة والشّافعيّ، فإنّهما يقولان: الوطءُ قد حَصَل على كمالِهِ، والعَقْدُ صحيحٌ.

ودليلُنا: أنّ الإحصانَ كمالٌ، وهو إذا وَطِىء فأفْضَى، ولا يقعُ الكمالُ إِلَّا بالكمالِ.

(١) بعض هذه المسألة مقتبسٌ من المنتقى: ٣/ ٣٣١، والظاهر أنّ نصّ المنتقى فيه سقطٌ.
(٢) أخرجه أحمد: ٦/ ١٠٠ ,١٠١، ١٤٤، وأبو داود (٤٣٩٨ ع)، والنسائي: ٦/ ١٥٦، وابن ماجه (٢٠٤١)، وابن حبّان (١٤٢)، والحاكم: ٢/ ٥٩، كلهم من حديث عائشة. ذكر ابن حجر في تلخيص الحبير: ١/ ١٨٣ أنّ يحيى بن معين قال: "ليس يرويه إِلَّا حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان -يعني إبراهيم- عن الأسود عنها".
ورواه أبو داود (٤٣٩٩ ع)، والنسائي: ٤/ ٣٢٣، وأحمد: ١/ ١١٦، ١١٨، ١٥٤، ١٥٥، والدارقطني: ٣/ ١٣٩، والحاكم: ١/ ٢٥٨، وابن حبّان (١٤٣)، وابن خزيمة (٣٠٤٨) من طرقٍ، عن عليَّ.