للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو حَلَفَ بطلاقِ امراتِهِ إنَّ تزوَّجَها، ثمّ حَلَفَ إنَّ تزوّج تميميّة فهي طالقٌ، وتلك المرأة من تميم، فتزوَّجَها، فقال محمّد: يقعُ عليها طلقتان.

ووجهُهُ: أنَّ اليمينَ الأوَّلَ غير الثّاني، فلمّا حَنَثَ بهما لزمه طلقتان (١).

وعلى قول أشهب: لا يلزمُه غير طلقة؛ لأنّها يمينٌ متكَرِّرَةٌ في عين واحد.

المسألة الثّامنة:

وأمَّا طلاقُ السّكْران، فواقعٌ بإجماعٍ من المذهبِ (٢)، وكذلك إذا بلغ إلى حالةٍ لا يعقلُ فيها، إلّا عند ابنِ عبدِ الحَكَمِ فإنَّه قال: لا يقعُ طلاقُه إذا لم يعقِلْ.

وأمَّا طلاقُ المُكْرَهِ، فإنَّه لا يلزمه عندنا (٣)، خلافا لأبي حنيفة (٤).

وعلى ذلك دليلان:

أحدهما: قول النّبي عليه السّلام: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَاُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيهِ" (٥). وهو ضَعِيفٌ.

والدّليلُ الثّاني -وهو قول أبي حنيفة-: إذا حَلَفَ الرَّجُلُ مُكْرَهًا أنّه لا يلزمه شيءٌ, فخالَفَ أصلَهُ في هذه المسألة.

المسألة التّاسعة: في طلاق الهازل

قال الإمامُ: لستُ أعلمُ خلافًا في المذهبِ في لزومه (٦)، وإنَّما اختلف قول مالك


(١) عبارة الباجي: "ووجه ذلك: أنَّ اليمينين كلّ واحد منهما غير الأخرى، كلّ واحدة منهما تضمنت طلقة، فلما حلف بها لزمه طلقتان".
(٢) انظر المدوّنة: ٢/ ١٢٧، والتفريع: ٢/ ٧٥، والمعونة: ٢/ ٨٤٠، والبيان والتحصيل: ٤/ ٢٥٧.
(٣) انظر المدوّنة: ٢/ ١٢٩، والمعونة: ٢/ ٨٤١.
(٤) انظر مختصر الطحاوي: ١٩١، ومختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٤٢٩.
(٥) قال ابن حجر في الدراية: ١/ ١٧٥ "لم أجده بهذا اللفظ" وقال الزيلعي في نصب الراية: ٢/ ٦٤ "لا يوجد بهذا اللفظ، كان كان الفقهاء لا يذكرونه إِلَّا بهذا اللفظ"، وقد روي بلفظ: "إنَّ الله وضع ... " رواه ابن ماجه (٢٠٤٥)، وابن حبّان (١٤٣)، والدارقطني: ٣/ ١٣٩، والمعجم الكبير (١١١٤١)، والبيهقي: ٨/ ٢٦٤، والحاكم: ١/ ٢٥٨، وحسَّنَهُ النووي في الأربعين كما في التعيين للطوفي: ٣٢٢، وقال ابن كثير في تحفة الطالب: ٢٧١ "إسناده جيِّد".
(٦) وهو المروي في المدوّنة: ٢/ ١٦١ في باب جدِّ النِّكاح وهزله.

<<  <  ج: ص:  >  >>