للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثانِ خَرَّجَهُمَا الدَّارقطنىّ (١)، وغيره، وليسا بصحيحين.

٢ - ومنهم من قال: يُحْمَلُ كلُّ شيءٍ على الطَّعامِ الّذي وَرَدَ فيه الحديثُ، بقياس أنَّه مَبِيعٌ لم يُقْبَضْ فلم يَجُزْ بَيْعُهُ كالطّعامِ، وهذا معنَى قولِ ابن عبّاسٍ: "وَأَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ مِثْلَهُ" (٢) وهذا فاسدٌ؛ لأنّا قد بَيَّنَّا أنَّه شرعٌ محضٌ وتَعَبُّدٌ صِرْفٌ، لا يُفْهمُ المعنى فيه، ولا تُعْقَلُ عِلَّتُهُ، وإنّما يكونُ الإلحاقُ عندَ فهمِ العِلَّةِ، وعَقْلِ المعنى، فَيُرَكَّبُ عليه مَثْلُه.

٣ - الثّالثُ: قولُ أبي حنيفة: هذا عامٌّ في كلِّ شيءٍ، إِلَّا في العَقَارِ (٣)؛ لأنّ العَقَارِ ليس فيه قبضٌ، إذ لا يُنْقَلُ ولا يُحَوَّلُ، وقال: إِن العَقًارَ لا يُضمَنْ بالغَضبِ؛ لأنَّه لا يُنْقَلُ ولا يُحَوَّلُ، وقد بيَّنَّا ذلك في "مسائل الخلاف "أنَّ هذا فاسدٌ، فإنّه لولا تصوُّرُ القَبْضِ في الغَصْبِ ما صحَّ أنّ يكونَ لأحدٍ به اختصاصٌ، ولا له عليه يدٌ، لكن القَبْضَ في كلِّ شيءٍ على قَدْرِ صِفَتِهِ، فالمنقولُ قبضُه إِتْيَانُه إِلَيْكَ، والعَقَارُ قَبْضُهُ مَشْيُك إليه.

وقال ابنُ المَاجِشُونِ وجماعةٌ معه: يُحْمَلُ على الطَّعامِ كلُّ مَكِيل؛ لأنَّه في معناه ولفظِهِ، ونُزِّلَ عليه الموزونُ؛ لأنّه في معناهُ الخاصِّ به، وليس الّذي يُعْرَفُ من بابِ القياسِ، وإنّما هو من بابِ كونِ الشَّيءِ في معنَى الشّيءِ الّذي يُعْرَف قبلَ التَّفَطُّنِ لوجهِ النَّظَرِ.

وقيل في الحُجَّةِ له: لَمَّا كان الطِّعامُ منه ما يُكَالُ، ومنه ما يُوزَنُ، وانقسمتِ الحالُ فيه، حُمِلَ عليه ما كان مثلَه، وقد بيَّنَّا أنَّ ذلك شرعٌ غيرُ معلَّلٍ، فلا يَصِحُّ الإلحاق بما يُغْنِي عن إعادَتِهِ.


(١) أمّا الحديث الأوّل فقد رواه الدارقطني: ٣/ ٧٤ - ٧٥ من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، باللفظ الّذي ذكرنا في تعليقنا ما قبل السابق. أمّا الحديث الثّاني فلم نقف عليه في سنن الدارقطني، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط (٩٠٠٧).
(٢) سبق تخريجه صفحة: ١٨، التعليق رقم: ٤.
(٣) انظر مختصر الطحاوي: ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>