للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَفَ في ذلك جوابُ علمائنا؛ فوردَ بالوجهين، والمسألةُ محتمِلَةٌ (١)، والعُمدةُ فيه أنّ العَقدَ باطلٌ؛ لأنّ المقصود من الثّمرةِ اجتناؤُها طيبةً، فَتُحْمَلُ على المقاصدِ، ويُفْسَخُ العَقدُ حتّى يُصَرِّحَ بما نَوَى.

الثّانية:

فإذا ثبت ذلك، فإنّ نهيَهُ - صلّى الله عليه وسلم - عن ذلك اختلف علماؤنا في تعليله، فقال ابنُ مَسْلَمَة: الغَرَرُ موجود قبل بُدُوِّ الصّلاح وبعدَه، ولكنّه لا غَرَضَ في شرائها قبل بُدُوِّ الصّلاح، إِلَّا بمجرّد الاسترخاصِ فلم يَجُز ذلك؛ لأنّها قد تسلم فترخص عليه، أو تتلف فتكون أقلّ من ثُلثُها وتكون غاليًا.

وقال غيرُه: إنَّ الغَرَرَ قبل الصّلاح أكثر، وبعد بُدُوِّ الصَّلاح يقلّ، وكثرة الغَرَرِ يُبطلُ العقودَ.

فإذا ثبت ذلك، فالممنوعُ منه البيع المطلَق دون اشتراط القطع، وذلك أنّ بَيعَ الثّمرة على ثلاثة أوجه (٢):

أحدُها: شرطُ القَطعِ، فهذا لا خلافَ في جوازِه؛ لأنّه لا غَرَرَ فيه.

والثّاني: أنّ يشترط التّبقية، فهذا لا خلاف في منعه، إِلَّا ما رُوِيَ عن ابنِ حبيب في العريّة.

ووجهُ منعه: أنّ المنفعة تقِلُّ في ذلك ويكثُرُ الغَرَر.

وأمَّا الثّالث: فإطلاقُ البيع فيها، فالمشهورُ عن مالك منعُه (٣)، وبه قال الشّافعيّ (٤).

ورَوَى ابنُ القاسم في البيوع الفاسدة جوازَهُ، ويكون مقتضاه الجَدَاد.


(١) انظر العارضة: ٥/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٢) انظرها في المعونة: ٢/ ١٠٠٥، وعزاها إليه ابن يونس في الجامع لمسائل المدوّنة: ٧١٩.
(٣) انظر الموطَّأ (١٨١٠) رواية يحيي، والتفريع: ٢/ ١٤١، والمعونة: ٢/ ١٠٠٦.
(٤) انظر الحاوي الكبير: ٥/ ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>