للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله (١): "لا يحتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ" لفظةٌ مشكلةٌ، اختلِفَ فيها وفي ورودها في اللِّسان العربيّ، فيقال: "خاطئ" على الإطلاق، إذا عمل ما لا يجوزُ، يقالُ: خَطِىءَ في دينه يَخطَأ إذا أَثِمَ، ومنه قولُه تعالى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} (٢) ويقال: أخطأ، إذا سلكَ سبيلَ الخطإِ، عامدًا وغير عامدٍ. وقد يكونُ الخطاُ بمعنّى الإثمِ، قال الله العظيم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} (٣) وقال أيضًا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} الآية (٤)، وإذا اشتركَ ورودهما لم تفصِّلهما إِلَّا القرائن، فقوله: " لَا يَحتَكِرُ إِلّا خاطِىء" يعني: آثِمٌ.

الفقه في مسائل:

الأولى (٥):

فنقول: الأموالُ على قسمين: مطعومٌ، وغير مطعومٍ.

والمطعومُ على قسمين: قُوتٌ، وغيرُ قُوتٍ.

والقُوتُ على قسمين: بُرٌّ وشعيرٌ، وما عداهما.

أمّا الاحتكارُ والتّربُّصُ في الأموال غيرِ المطعوماتِ، فلا خلاف فيه. وأمَّا في المطعوماتِ، فهو الّذي يُكرَهُ جَمْعُه في حالٍ دون حالٍ. وَيحرُمُ التّربُّصُ لانتظار الغَلاء به، إذا لم يكن رَفعُ السُّوقِ وخَفضُه الّذي جرت العادةُ به، والمعوِّلُ في ذلك على النِّيَّةِ، فإن تعلَّقت بضَرَرِ أَحَدٍ حرُمَ ذلك القصدُ.


(١) انظر هذه الفقرة في العارضة: ٦/ ٢٢.
(٢) الإسراءِ: ٣١.
(٣) النِّساء: ٩٢.
(٤) البقرة: ٢٨٦.
(٥) انظرها في القبس: ٢/ ٨٣٦ - ٨٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>