للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا تكون المساقاةَ إِلَّا لأجلٍ معلومٍ، ويُكْرَهُ فيها ما طال من السِّنين، ولا بأس بالعشر سنين فدونها (١)، على ما يأتي بيانُه إنَّ شاء الله.

الأصول (٢):

اعلموا - وَفَّقَكُم اللهُ- أنّ عَقْدَ المُسَاقاةِ مَرْفقٌ في الشّريعة، ورحمة من الله تعالى، وهو أيضًا مُستثنًى من البيوعاتِ للضّرورةِ والحاجةِ.

وقال قوم: هو مُستَثنًى من الإجارةِ المجهولةِ العَمَل للحاجة. ثبتَ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في الصّحيح؛ أنّه قَالَتِ الأَنصَارُ لَه: يَا رَسُولَ اللهِ، اقسِم بَينَنَا وَبَينَ إِخوَانِنَا المُهَاجِرينَ النَّخِيلَ، قَالَ: "لَا" قَالُوا: فَيَكفُونَنَا المَؤُونَةَ وَنَشرَكُهُم في الثَّمَرَةِ. قَالُوا: سَمِعنَا وَأَطَعنَا (٣).

وثبتَ عنه - صلّى الله عليه وسلم - أنّه ساقَى أهل خَيبَرَ بشَطرِ ما يخرُجُ منها من نَخلٍ وزرعٍ (٤)، وكان بين النّخيل بياضٌ، فكان لَغوًا.

وقال أبو حنيفةَ: المساقاةُ باطلةٌ (٥)، وعُذرًا له فإنّه كان ضعيفًا في الحديث، ذُكِرَت له قصّة خَيبَرَ فقال: إنَّ اليهودَ كانوا رقيقًا للنّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، فجعل رقيقَهُ في ماله عُمْلَةً فيه، وجعَلَ لهم نصف الثمر أرزاقًا لهم. واحتجّ بقوله -عليه السّلام-: "منِ استَأجَرَ


(١) الّذي في المدوّنة: ٤/ ٨ كتاب المساقاة، في المساقاة سنين، قال سحنون لابن القاسم: "أرأيت المساقاة أتجوز عشر سنين؟ قال: قال مالك المساقاة سنين جائزة، فأمّا يحدد بعشر سنين أو ثلاثين أو خمسين، فلا أدري ما هذا ولم أسمع من مالك فيه شيئًا، وأمّا ما لم يكثر جدًّا فلا أرى به بأسًا".
(٢) انظره في القبس: ٣/ ٨٦١ - ٨٦٣.
(٣) أخرجه البخاريّ (٢٣٢٥) من حديث أبي هريرة.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) انظر مختصر الطحاوي: ١٢٧، ومختصر اخنلاف العلماء: ٤/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>