للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللَّحَن (١) - بفتح الحاء - الفِطنَةُ، يقال منه لحِنٌ - بكسر الحاء -أي فَطِنٌ، يَلْحَنُ لَحَنًا -بالفتح- في المصدر، واسمُ الفاعل منه لَحِنٌ، أي فَطِنٌ، ومنه قول عمر بن عبد العزيز: عَجِبتُ لمَن لَاحَنَ النَّاس كَيفَ لَا يَعرِف جَوَامِعَ الكَلِمِ. ويقال منه: رجلٌ لَحِنٌ، إذا كان فَطِنًا.

واللَّحْنُ -بإسكان الحاء- الخطأ في الكلام، يقال منه قد لَحَنَ -بفتح الحاء- لَحْنًا - بإسكان الحاء- ومنه حديث عمر: "تَعَلَّمُوا اللحن وَالفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ كَمَا تَتَعَلَّمُوا القرآن" (٢)، ومنه حديث أبي العالية قال: كُنْتُ أَطُوفُ مَعَ ابنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ يُعَلِّمُنِي اللَّحنَ مِنَ الكَلَامِ" (٣)، وإنّما سمِّي لَحنًا لأنّه إذا بَصَّرَهُ فقد عَرَّفَه (٤)، ومن اللّحن قوله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} (٥)، تأويلُه -والله أعلم- في فحواه ومعناه.

قال الشاعر (٦):

وَلَقَد لَحَنتُ لَكُم لِكَيمَا تَفهَمُوا ...... وَوَحَيتُ وَحيًا لَيسَ بِالمُرتَابِ

وقوله: "وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ" يقول: ربّما كان وقد يكون، وأراد بذلك أهل الخِصَام (٧)، وأكثر ما يأتي "لَعَلَّ" بمعنى التّرجيِّ والطَّمَع إِلَّا في هذا فإنّها بمعنى: رُبَّ.

وقوله: "بَعْضَكُمْ" يقول لبعض الخصمين.


(١) الكلام التالي إلى قول الشاعر، مقتبس بتصرُّف من غريب الحديث لأبي عبيد: ٢/ ٢٣٢ - ٢٣٣.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٣١٠٤٤) من قول عمر.
(٣) أخرجه الفاكهي في أخبار مكّة (٣٣٤)، والحاكم في المستدرك: ٢/ ٣٦٨ (ط. عطا) وقال:" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
(٤) يقول أبو عبيد في غريب الحديث: ٢/ ٢٣٣ "لأنّه إذا بصّره الصواب، فقد بصّره اللحن" وهو الصّواب.
(٥) محمّد: ٣٠.
(٦) هو القتّال الكلابي، عبد الله بن مجيب، كنيته: أبو المسيَّب، لُقِّبَ بالقتّال لتمرّده وفَتكِهِ، وهو شاعر إسلامي، وقيل جاهلي، قضى حياته في الاقتتال والهرب من أهل قتلاه، على أنّ فتكه ليس رغبة منه في القتل، بقدر ما هو تورط وأنفة وبأس، وقد مات مقتولًا، انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة: ٢/ ٢٩٤، وأسماء المغتالين: ٢٠٣. والبيت في ديوانه: ٣٦.
(٧) قال نحوه البوني في تفسير الموطَّأ: ١٠٠/ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>